الجنة وأما الخبر فما روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما طول هذا اليوم؟ فقال: " والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون عليه أخف من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا " ومن الناس من قال: إن ذلك الموقف وإن طال فهو يكون سببا لمزيد السرور والراحة لأهل الجنة، ويكون سببا لمزيد الحزن والغم لأهل النار الجواب: عنه أن الآخرة دار جزاء فلا بد من أن يعجل للمثابين ثوابهم، ودار الثواب هي الجنة لا الموقف، فإذن لا بد من تخصيص طول الموقف بالكفار القول الثاني: هو أن هذه المدة واقعة في الآخرة، لكن على سبيل التقدير لا على سبيل التحقق، والمعنى أنه لو اشتغل بذلك القضاء والحكومة أعقل الخلق وأذكاهم لبقي فيه خمسين ألف سنة ثم إنه تعالى يتمم ذلك القضاء والحكومة في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا، وأيضا الملائكة يعرجون إلى مواضع لو أراد واحد من أهل الدنيا أن يصعد إليها لبقي في ذلك الصعود خمسين ألف سنة ثم إنهم يصعدون إليها في ساعة قليلة، وهذا قول وهب وجماعة من المفسرين القول الثالث: وهو قول أبي مسلم: إن هذا اليوم هو يوم الدنيا كلها من أول ما خلق الله إلى آخر الفناء، فبين تعالى أنه لا بد في يوم الدنيا من عروج الملائكة ونزولهم، وهذا اليوم مقدر بخمسين ألف سنة، ثم لا يلزم على هذا أن يصير وقت القيامة معلوما، لأنا لا ندري كم مضى وكم بقي القول الرابع: تقدير الآية: سأل سائل بعذاب واقع من الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يحتمل أن يكون المراد منه استطالة ذلك اليوم لشدته على الكفار، ويحتمل أن يكون المراد تقدير مدته، وعلى هذا فليس المراد تقدير العذاب بهذا المقدار، بل المراد التنبيه على طول مدة العذاب، ويحتمل أيضا أن العذاب الذي سأله ذلك السائل يكون مقدرا بهذه المدة، ثم إنه تعالى ينقله إلى نوع آخر من العذاب بعد ذلك، فإن قيل: روى ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن هذه الآية، وعن قوله: * (في يوم كان مقداره ألف سنة) * (السجدة: 5) فقال: أيام سماها الله تعالى هو أعلم بها كيف تكون، وأكره أن أقول فيها مالا أعلم، فإن قيل: فما قولكم في التوفيق بين هاتين الآيتين؟ قلنا: قال وهب في الجواب عن هذا ما بين أسفل العالم إلى أعلى شرفات العرش مسيرة خمسين ألف سنة ومن أعلى السماء الدنيا إلى الأرض مسيرة ألف سنة، لأن عرض كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وما بين أسفل السماء إلى قرار الأرض خمسمائة أخرى، فقوله تعالى: * (في يوم) * يريد من أيام الدنيا وهو مقدار ألف سنة لو صعدوا فيه إلى سماء الدنيا، ومقدار ألف سنة لو صعدوا إلى أعالي العرش.
* (فاصبر صبرا جميلا) *.
فيه مسألتان:
المسألة الأولى: اعلم أن هذا متعلق بسأل سائل، لأن استعجال النضر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله والتكذيب بالوحي، وكان ذلك مما يضجر رسول الله صلى الله