يوم القيامة لكائن نازل، وقال الكلبي: المراد أن كل ما توعدون به من الخير والشر لواقع، واحتج القائلون بالتفسير الأول بأنه تعالى ذكر عقيب هذه الآيات، علامات يوم القيامة، فدل على أن المراد من هذه الآية هو القيامة فقط، ثم إنه ذكر علامات وقوع هذا اليوم. أولها: قوله تعالى:
* (فإذا النجوم طمست) *.
وذكرنا تفسير الطمس عند قوله: * (ربنا اطمس على أموالهم) * (يونس: 88) وبالجملة فيحتمل أن يكون المراد محقت ذواتها، وهو موافق لقوله: * (انتثرت) * (الإنفطار: 2) و * (انكدرت) * (التكوير: 2) وأن يكون المراد محقت أنوارها، والأول أولى، لأنه لا حاجة فيه إلى الإضمار. ويجوز أن يمحق نورها ثم تنتثر ممحوقة النور. وثانيها: قوله:
* (وإذا السمآء فرجت) *.
* (وإذا السماء فرجت) * الفرج الشق يقال: فرجه الله فانفرج، وكل مشقوق فرج، فههنا قوله: فرجت أي شقت نظيره * (وإذا السماء انشقت) * (الانشقاق: 1 ) * (ويوم تشقق السماء بالغمام) * (الفرقان: 25) وقال ابن قتيبة معناه، فتحت نظيره، وفتحت السماء قال الشاعر: الفارجي باب الأمير المبهم وثالثها: قوله:
* (وإذا الجبال نسفت) *.
وفيه وجهان أحدهما: نسفت كالحب المغلث إذا نسف بالمنسف، ومنه قوله: * (لنحرقنه ثم لننسفنه) * ونظيره * (وبست الجبال بسا) * (الواقعة: 5) * (وكانت الجبال كثيبا مهيلا) * (المزمل: 14) * (فقل ينسفها ربي نسفا) * والثاني: اقتلعت بسرعة من أماكنها من انتسفت الشيء إذا اختطفته، وقرئ * (طمست) * و * (فرجت) * و * (نسفت) * مشددة. ورابعها: قوله تعالى:
* (وإذا الرسل أقتت) *.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أقتت أصلها وقتت ويدل عليه وجوه أحدها: قراءة أبي عمرو وقتت بالواو وثانيها: أن أصل الكلمة من الوقت وثالثها: أن كل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة فإنها تبدل على الإطراد همزة أولا وحشوا، ومن ذلك أن تقول: صلى القوم إحدانا، وهذه أجوه حسان وأدؤر في جمع دار، والسبب فيه أن الضمة من جنس الواو، فالجمع بينهما يجري مجرى جمع المثلين فيكون ثقيلا، ولهذا السبب كان كسر الياء ثقيلا.
أما قوله تعالى: * (ولا تنسوا الفضل بينكم) * فلا يجوز فيه البدل لأن الضمة غير لازمة، ألا ترى أنه لا يسوغ في نحو قولك: * (هذا وعد) * أن تبدل.
المسألة الثانية: في التأقيت قولان: الأول: وهو قول مجاهد والزجاج أنه تبيين الوقت الذي فيه يحضرون للشهادة على أممهم، وهذا ضعيف، وذلك لأن هذه الأشياء جعلت علامات