عليه وسلم فأمر بالصبر عليه، وكذلك من يسأل عن العذاب لمن هو فإنما يسأل على طريق التعنت من كفار مكة، ومن قرأ: * (سال سائل) * فمعناه جاء العذاب لقرب وقوعه فاصبر فقد جاء وقت الانتقام.
المسألة الثانية: قال الكلبي: هذه الآية نزلت قبل أن يؤمر الرسول بالقتال.
* (إنهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا) *.
الضمير في * (يرونه) * إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان الأول: أنه عائد إلى العذاب الواقع والثاني: أنه عائد إلى: * (يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * (المعارج: 4) أي يستبعدونه على جهة الإحالة * (و) * نحن * (نراه قريبا) * هينا في قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر. فالمراد بالبعيد البعيد من الإمكان، وبالقريب القريب منه.
قوله تعالى * (يوم تكون السمآء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن * ولا يسال حميم حميما) *.
فيه مسألتان:
المسألة الأولى: * (يوم تكون) * منصوب بماذا؟ فيه وجوه أحدها: بقريبا، والتقدير: ونراه قريبا، يوم تكون السماء كالمهل، أي يمكن ولا يتعذر في ذلك اليوم وثانيها: التقدير: سأل سائل بعذاب واقع يوم تكون السماء كالمهل والثالث: التقدير يوم تكون السماء كالمهل كان كذا وكذا والرابع: أن يكون بدلا من يوم، والتقدير سأل سائل بعذاب واقع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يوم تكون السماء كالمهل.
المسألة الثانية: أنه ذكر لذلك اليوم صفات:
الصفة الأولى: أن السماء تكون فيه كالمهل وذكرنا تفسير المهل عند قوله: * (بماء كالمهل) * قال ابن عباس: كدردي الزيت، وروى عنه عطاء: كعكر القطران، وقال الحسن: مثل الفضة إذا أذيبت، وهو قول ابن مسعود.
الصفة الثانية: أن تكون الجبال فيه كالعهن، ومعنى العهن في اللغة: الصوف المصبوغ ألوانا، وإنما وقع التشبيه به، لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.
الصفة الثالثة: قوله: * (ولا يسأل حميم) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قال ابن عباس الحميم القريب الذي يعصب له، وعدم السؤال إنما كان لاشتغال كل أحد بنفسه، وهو كقوله: * (تذهل كل مرضعة عما أرضعت) * (الحج: 2) وقوله: * (يوم يفر المرء من أخيه) * إلى قوله * (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) * (عبس: 37) ثم في الآية وجوه أحدها: أن يكون