المنافقون منعوا عن طلب المؤمنين، وقال آخرون: بل المراد حائط بين الجنة والنار، وهو قول قتادة، وقال مجاهد: هو حجاب الأعراف.
المسألة الثانية: الباء في قوله: * (بسور) * صلة وهو للتأكيد والتقدير: ضرب بينهم سور كذا، قاله الأخفش، ثم قال: * (له باب) * أي لذلك السور باب * (باطنه فيه الرحمة) * أي في باطن ذلك السور الرحمة، والمراد من الرحمة الجنة التي فيها المؤمنين * (وظاهره) * يعني وخارج السور * (من قبله العذاب) * أي من قبله يأتيهم العذاب، والمعنى أن ما يلي المؤمنين ففيه الرحمة، وما يلي الكافرين يأتيهم من قبله العذاب، والحاصل أن بين الجنة والنار حائط وهو السور، ولذلك السور باب، فالمؤمنون يدخلون الجنة من باب ذلك السور، والكافرون يبقون في العذاب والنار.
ثم قال تعالى:
* (ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الامانى حتى جآء أمر الله وغركم بالله الغرور) *.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في الآية قولان: الأول: * (ألم نكن معكم) * في الدنيا والثاني: * (ألم نكن معكم) * في العبادات والمساجد والصلوات والغزوات، وهذا القول هو المتعين.
المسألة الثانية: البعد بين الجنة والنار كثير، لأن الجنة في أعلى السماوات، والنار في الدرك الأسفل، فهذا يدل على أن البعد الشديد لا يمنع من الإدراك، ولا يمكن أن يقال: إن الله عظم صوت الكفار بحيث يبلغ من أسفل السافلين إلى أعلى عليين، لأن مثل هذا الصوت إنما يليق بالأشداء الأقوياء جدا، والكفار موصوفون بالضعف وخفاء الصوت، فعلمنا أن البعد لا يمنع من الإدراك على ما هو مذهبنا، ثم حكى تعالى: أن المؤمنين قالوا بلى كنتم معنا إلا أنكم فعلتم أشياء بسببها وقعتم في هذا العذاب أولها: * (ولكنكم فتنتم أنفسكم) * أي بالكفر والمعاصي وكلها فتنة وثانيها: قوله: * (وتربصتم) * وفيه وجوه أحدها: قال ابن عباس: تربصتم بالتوبة وثانيها: قال مقاتل: وتربصتم بمحمد الموت، قلتم يوشك أن يموت فنستريح منه وثالثها: كنتم تتربصون دائرة السوء لتلتحقوا بالكفار، وتتخلصوا من النفاق وثالثها: قوله: * (وارتبتم) * وفيه وجوه الأول: شككتم في وعيد الله وثانيها: شككتم في نبوة محمد وثالثها: شككتم في البعث والقيامة ورابعها: قوله: * (وغرتكم الأماني) * قال ابن عباس: يريد الباطل وهو ما كانوا يتمنون من نزول الدوائر بالمؤمنين * (حتى جاء أمر الله) * يعني الموت، والمعنى