رب الشعرى) * لإنكارهم ذلك أكد بالفصل، والشعرى نجم مضيء، وفي النجوم شعريان إحداهما شامية والأخرى يمانية، والظاهر أن المراد اليمانية لأنهم كانوا يعبدونها.
ثم قال تعالى: * (وأنه أهلك عادا الاولى) *.
لما ذكر أنه: * (أغنى وأقنى) * (النجم: 48) وكان ذلك بفضل الله لا بعطاء الشعرى وجب الشكر لمن قد أهلك وكفى لهم دليلا حال عاد وثمود وغيرهم: و * (عادا الأولى) * قيل: بالأولى تميزت من قوم كانوا بمكة هم عاد الآخرة، وقيل: الأولى لبيان تقدمهم لا لتمييزهم، تقول: زيد العالم جاءني فتصفه لا لتميزه ولكن لتبين علمه، وفيه قراءات * (عادا الأولى) * بكسر نون التنوين لالتقاء الساكنين، و * (عاد الأولى) * بإسقاط نون التنوين أيضا لالتقاء الساكنين كقراءة * (عزير بن الله) * (التوبة: 30) * (وقل هو الله أحد الله الصمد) * (النجم: 50) و * (عادا الأولى) * بإدغام النون في اللام ونقل ضمة الهمزة إلى اللام و * (عاد الؤلي) * بهمزة الواو وقرأ هذا القارئ * (على سؤقه) * (الفتح: 29) ودليله ضعيف وهو يحتمل هذا في موضع * (المؤقدة) * و * (المؤصدة) * (الهمزة: 6، 8) للضمة والواو فهي في هذا الموضع تجزي على الهمزة، وكذا في سؤقه لوجود الهمزة في الأصل، وفي موسى وقوله لا يحسن.
ثم قال تعالى: * (وثمود فمآ أبقى) *.
* (وثمود فما أبقى) * يعني وأهلك ثمود وقوله: * (فما أبقى) * عائد إلى عاد وثمود أي فما أبقى عليهم، ومن المفسرين من قال: فما أبقاهم أي فما أبقى منهم أحدا ويؤيد هذا قوله تعالى: * (فهل ترى لهم من باقية) * (الحاقة: 8) وتمسك الحجاج على من قال: إن ثقيفا من ثمود بقوله تعالى: * (فما أبقى) *.
قوله تعالى * (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) *.
* (وقوم نوح) * أي أهلكهم * (من قبل) * والمسألة مشهورة في قبل وبعد تقطع عن الإضافة فتصير كالغاية فتبنى على الضمة. أما البناء فلتضمنه الإضافة، وأما على الضمة فلأنها لو بنيت على الفتحة لكان قد أثبت فيه ما يستحقه بالإعراب من حيث إنها ظروف زمان فتستحق النصب والفتح مثله، ولو بنيت على الكسر لكان الأمر على ما يقتضيه الإعراب وهو الجر بالجار فبنى على ما يخالف حالتي إعرابها.
وقوله تعالى: * (إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) * أما الظلم فلأنهم هم البادئون به المتقدمون فيه " ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها " والبادئ أظلم، وأما أطغى فلأنهم سمعوا المواعظ وطال عليهم الأمد ولم يرتدعوا حتى دعا عليهم نبيهم، ولا يدعو نبي على قومه إلا بعد الإصرار العظيم، والظالم واضع الشيء في غير موضعه، والطاغي المجاوز الحد فالطاغي أدخل في الظلم فهو كالمغاير والمخالف فإن المخالف مغاير مع وصف آخر زائد، وكذا المغاير والمضاد وكل ضد غير وليس كل غير ضدا، وعليه سؤال وهو أن قوله: * (وقوم نوح) * المقصود منه تخويف الظالم