الثاني: * (يوم القيامة) * ظرف لأي شيء، قلنا لقوله: * (لن تنفعكم) * أو يكون ظرفا ليفصل وقرأ ابن كثير: * (يفصل) * بضم الياء وفتح الصاد، و * (يفصل) * على البناء للفاعل وهو الله، و (نفصل) و (نفصل) بالنون.
الثالث: قال تعالى: * (والله بما تعملون بصير) * ولم يقل: خبير، مع أنه أبلغ في العلم بالشيء، والجواب: أن الخبير أبلغ في العلم والبصير أظهر منه فيه، لما أنه يجعل عملهم كالمحسوس بحس البصر والله أعلم.
ثم قال تعالى:
* (قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضآء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك ومآ أملك لك من الله من شىء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير) *.
اعلم أن الأسوة ما يؤتسى به مثل القدوة لما يقتدى به، يقال: هو أسوتك، أي أنت مثله وهو مثلك، وجمع الأسوة أسى، فالأسوة اسم لكل ما يقتدى به، قال المفسرون أخبر الله تعالى أن إبراهيم وأصحابه تبرءوا من قومهم وعادوهم، وقالوا لهم: * (إنا برآء منكم) *، وأمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأنسوا بهم وبقوله، قال الفراء: يقول أفلا تأسيت يا حاطب بإبراهيم في التبرئة من أهله في قوله تعالى: * (إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم) * وقوله تعالى: * (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) * وهو مشرك وقال مجاهد: نهوا أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفرون للمشركين، وقال مجاهد وقتادة: ائتسوا بأمر إبراهيم كله إلا في استغفاره لأبيه، وقيل: تبرءوا من كفار قومكم فإن لكم أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه من المؤمنين في البراءة من قومهم، لا في الاستغفار لأبيه، وقال ابن قتيبة: يريد أن إبراهيم عاداهم وهجرهم في كل شيء إلا في قوله لأبيه: * (لأستغفرن لك) * وقال ابن الأنباري: ليس الأمر على ما ذكره، بل المعنى قد كانت لكم أسوة في كل شيء فعله، إلا في قوله لأبيه: * (لاستغفرن لك) *