سورة الصف أربع عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم * (سبح لله ما فى السماوات وما فى الارض وهو العزيز الحكيم * يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون) *.
وجه التعلق بما قبلها هو أن في تلك السورة بيان الخروج جهادا في سبيل الله وابتغاء مرضاته بقوله: * (إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي) * (الممتحنة: 1) وفي هذه السورة بيان ما يحمل أهل الإيمان ويحثهم على الجهاد بقوله تعالى: * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) * (الصف: 4) وأما الأول بالآخر، فكأنه قال: إن كان الكفرة بجهلهم يصفون لحضرتنا المقدسة بما لا يليق بالحضرة، فقد كانت الملائكة وغيرهم من الإنس والجن يسبحون لحضرتنا، كما قال: * (سبح لله ما في السماوات وما في الأرض) * أي شهد له بالربوبية والوحدانية وغيرهما من الصفات الحميدة جميع ما في السماوات والأرض و * (العزيز) * من عز إذا غلب، وهو الذي يغلب على غيره أي شيء كان ذلك الغير، ولا يمكن أن يغلب عليه غيره و * (الحكيم) * من حكم على الشيء إذا قضى عليه، وهو الذي يحكم على غيره، أي شيء كان ذلك الغير، ولا يمكن أن يحكم عليه غيره، فقوله: * (سبح لله ما في السماوات وما في الأرض) * يدل على الربوبية والوحدانية إذن، ثم إنه تعالى قال في البعض من السور: * (سبح لله) * (الحديد: 1، الحشر: 1)، وفي البعض: * (يسبح) * (الجمعة: 1، التغابن: 1)، وفي البعض: * (سبح) * (الأعلى: 1) بصيغة الأمر، ليعلم أن تسبيح حضرة الله تعالى دائم غير منقطع لما أن الماضي يدل عليه في الماضي من الزمان، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان، والأمر يدل عليه في الحال، وقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون) * منهم من قال: هذه الآية في حق جماعة من المؤمنين، وهم الذين أحبوا أن يعملوا بأحب الأعمال إلى الله، فأنزل الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة) * (الصف: 10) الآية و * (إن الله يحب الذين يقاتلون) * (الصف: 4) فأحبوا الحياة وتولوا يوم أحد فأنزل الله تعالى: * (لم تقولون مالا تفعلون) * وقيل في حق من يقول: قاتلت ولم يقاتل، وطعنت ولم يطعن، وفعلت ولم يفعل، وقيل: