ليس لهذا الأمر نور، إذا لم يكن المقصود حاصلا، ويقال: هذا الأمر له نور ورونق، إذا كان المقصود حاصلا.
المسألة الثالثة: قرأ سهل بن شعيب * (وبإيمانهم) * بكسر الهمزة، والمعنى يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم حصل ذلك السعي، ونظيره قوله تعالى: * (ذلك بما قدمت يداك) * (الحج: 10) أي ذلك كائن بذلك.
ثم قال تعالى: * (بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حقيقة البشارة ذكرناها في تفسير قوله: * (وبشر الذين آمنوا) * (البقرة: 25، يونس: 2) ثم قالوا: تقدير الآية، وتقول لهم الملائكة بشراكم اليوم، كما قال: * (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم) * (الرعد: 23، 24).
المسألة الثانية: دلت هذه الآية على أن المؤمنين لا ينالهم أهوال يوم القيامة لأنه تعالى بين أن هذه صفتهم يوم القيامة من غير تخصيص.
المسألة الثالثة: احتج الكعبي على أن الفاسق ليس بمؤمن فقال: لو كان مؤمنا لدخل تحت هذه البشارة، ولو كان كذلك لقطع بأنه من أهل الجنة، ولما لم يكن كذلك ثبت أنه ليس بمؤمن والجواب: أن الفاسق قاطع بأنه من أهل الجنة لأنه إما أن لا يدخل النار أو إن دخلها لكنه سيخرج منها وسيدخل الجنة ويبقى فيها أبد الآباد، فهو إذن قاطع بأنه من أهل الجنة، فسقط هذا الاستدلال.
المسألة الرابعة: قوله: * (ذلك) * عائد إلى جميع ما تقدم وهو النور والبشرى بالجنات المخلدة.
المسألة الخامسة: قرىء: (ذلك الفوز)، بإسقاط كلمة: هو.
واعلم أنه تعالى لما شرح حال المؤمنين في موقف القيامة أتبع ذلك بشرح حال المنافقين. فقال:
* (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين ءامنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورآءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) *.
قوله: * (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: * (يوم يقول) *، بدل من * (يوم ترى) * (الحديد: 12)، أو هو أيضا منصوب باذكر تقديرا. المسألة الثانية: قرأ حمزة وحده (أنظرونا) مكسورة الظاء، والباقون (أنظروا)، قال أبو علي