نسوا الله فأنساهم أنفسهم) * بين الفرق بين الفريقين فقال:
* (لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفآئزون) *.
واعلم أن التفاوت بين هذين الفريقين معلوم بالضرورة، فذكر هذا الفرق في مثل هذا الموضع يكون الغرض منه التنبيه على عظم ذلك الفرق، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: المعتزلة احتجوا على أن صاحب الكبيرة لا يدخل الجنة، لأن الآية دلت على أن أصحاب النار وأصحاب الجنة لا يستويان، فلو دخل صاحب الكبيرة في الجنة لكان أصحاب النار وأصحاب الجنة يستويان، وهو غير جائز، وجوابه معلوم.
المسألة الثانية: احتج أصحابنا بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالذمي، وقد بينا وجهه في الخلافيات.
* (لو أنزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) *.
ثم إنه تعالى لما شرح هذه البيانات عظم أمر القرآن فقال: * (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) * والمعنى أنه لو جعل في الجبل عقل كما جعل فيكم، ثم أنزل عليه القرآن لخشع وخضع وتشقق من خشية الله.
ثم قال: * (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) * أي الغرض من ذكر هذا الكلام التنبيه على قساوة قلوب هؤلاء الكفار، وغلظ طباعهم، ونظير قوله: * (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة) * (البقرة: 74) واعلم أنه لما وصف القرآن بالعظم، ومعلوم أن عظم الصفة تابع لعظم الموصوف، أتبع ذلك بشرح عظمة الله فقال:
* (هو الله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم) *.
وقيل: السر والعلانية وقيل: الدنيا والآخرة.
اعلم أنه تعالى قدم الغيب على الشهادة في اللفظ وفيه سر عقلي، أما المفسرون فذكروا أقوالا في الغيب والشهادة، فقيل: الغيب المعدوم، والشهادة الموجود ما غاب عن العباد وما شاهدوه.
* (هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون) *.
ثم قال: * (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك) * وكل ذلك قد تقدم تفسيره.