* (أسرى بعبده ليلا) * قلنا: نعم، فإن قيل: ليس هناك بيان نوع من أنواع الإسراء، نقول: هو كقول القائل: ضربته شيئا، فإن شيئا لا بد منه في كل ضرب، ويصح ذلك على أنه نصب على المصدر، وفائدته ما ذكرنا من بيان عدم تعلق الغرض بأنواعه، وكأن القائل يقول: إني لا أبين ما ضربته به، ولا أحتاج إلى بيانه لعدم تعلق المقصود به ليقطع سؤال السائل: بماذا ضربه بسوط أو بعصا، فكذلك القول في: * (أسرى بعبده ليلا) * يقطع سؤال السائل عن الإسراء، لأن الإسراء هو السير أول الليل، والسري هو السير آخر الليل أو غير ذلك.
المسألة الثانية: * (مستقر) * يحتمل وجوها أحدها: عذاب لا مدفع له، أي يستقر عليهم ويثبت، ولا يقدر أحد على إزالته ورفعه أو إحالته ودفعه ثانيها: دائم، فإنهم لما أهلكوا نقلوا إلى الجحيم، فكأن ما أتاهم عذاب لا يندفع بموتهم، فإن الموت يخلص من الألم الذي يجده المضروب من الضرب والمحبوس من الحبس، وموتهم ما خلصهم ثالثها: عذاب مستقر عليهم لا يتعدى غيرهم، أي هو أمر قد قدره الله عليهم وقرره فاستقر، وليس كما يقال: إنه أمر أصابهم اتفاقا كالبرد الذي يضر زرع قوم دون قوم، ويظن به أنه أمر اتفاقي، وليس لو خرجوا من أماكنهم لنجوا كما نجا آل لوط، بل كان ذلك يتبعهم، لأنه كان أمرا قد استقر.
المسألة الثالثة: الضمير في * (صبحهم) * عائد إلى الذين عاد إليهم الضمير في أعينهم فيعود لفظا إليهم للقرب، ومعنى إلى الذين تماروا بالنذر، أو الذين عاد إليهم الضمير في قوله: * (ولقد أنذرهم بطشتنا) * (القمر: 36).
ثم قال تعالى:
* (فذوقوا عذابى ونذر) *.
مرة أخرى، لأن العذاب كان مرتين أحدهما: خاص بالمراودين، والآخر عام.
* (ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر) *.
قد فسرناه مرارا وبينا ما لأجله تكرارا.
ثم قال تعالى:
* (ولقد جآء ءال فرعون النذر * كذبوا باياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: ما الفائدة في لفظ: * (آل فرعون) * بدل قوم فرعون؟ نقول: القوم أعم من الآل، فالقوم كل من يقوم الرئيس بأمرهم أو يقومون بأمره، والآل كل من يؤول إلى