من أجبره، وهي اللغة المعروفة في الإكراه، فقال: لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين، وهما جبار من أجبر، ودراك من أدرك، وعلى هذا القول الجبار هو القهار الثالث: قال ابن الأنباري: الجبار في صفة الله الذي لا ينال، ومنه قيل للنخلة التي فاتت يد المتناول: جبارة الرابع: قال ابن عباس: الجبار، هو الملك العظيم، قال الواحدي: هذا الذي ذكرناه من معاني الجبار في صفة الله، وللجبار معان في صفة الخلق أحدها: المسلط كقوله: * (وما أنت عليهم بجبار) * (ق: 45)، والثاني: العظيم الجسم كقوله: * (إن فيها قوما جبارين) * (المائدة: 22) والثالث: المتمرد عن عبادة الله، كقوله: * (ولم يجعلني جبارا) * مريم: 32)، والرابع: القتال كقوله: * (بطشتم جبارين) * (الشعراء: 130) وقوله: * (إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض) * (القصص: 19).
أما قوله: * (المتكبر) * ففيه وجوه أحدها: قال ابن عباس: الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله وثانيها: قال قتادة: المتعظم عن كل سوء وثالثها: قال الزجاج: الذي تعظم عن ظلم العباد ورابعها: قال ابن الأنباري: المتكبرة ذو الكبرياء، والكبرياء عند العرب: الملك، ومنه قوله تعالى: * (وتكون لكما الكبرياء في الأرض) * (يونس) 78)، واعلم أن المتكبر في حق الخلق اسم ذم، لأن المتكبر هو الذي يظهر من نفسه الكبر، وذلك نقص في حق الخلق، لأنه ليس له كبر ولا علو، بل ليس معه إلا الحقارة والذلة والمسكنة، فإذا أظهر العلو كان كاذبا، فكان ذلك مذموما في حقه أما الحق سبحانه فله جميع أنواع العلو والكبرياء، فإذا أظهره فقد أرشد العباد إلى تعريف جلاله وعلوه، فكان ذلك في غاية المدح في حقه سبحانه ولهذا السبب لما ذكر هذا الاسم: قال: * (سبحان الله عما يشركون) * كأنه قيل: إن المخلوقين قد يتكبرون ويدعون مشاركة الله في هذا الوصف لكنه سبحانه منزه عن التكبر الذي هو حاصل للخلق لأنهم ناقصون بحسب ذواتهم، فادعاؤهم الكبر يكون ضم نقصان الكذب إلى النقصان الذاتي، أما الحق سبحانه فله العلو والعزة، فإذا أظهره كان ذلك ضم كمال إلى كمال، فسبحان الله عما يشركون في إثبات صفة المتكبرية للخلق.
* (هو الله الخالق البارىء المصور له الاسمآء الحسنى يسبح له ما فى السماوات والارض وهو العزيز الحكيم) *.
ثم قال: * (هو الله الخالق) * والخلق هو التقدير معناه أنه يقدر أفعاله على وجوه مخصوصة، فالخالقية راجعة إلى صفة الإرادة.
ثم قال: * (البارئ) * وهو بمنزلة قولنا: صانع وموجد إلا أنه يفيد اختراع الأجسام، ولذلك يقال في الخلق: برية ولا يقال في الأعراض التي هي كاللون والطعم.
وأما * (المصور) * فمعناه أنه يخلق صور الخلق على ما يريد، وقدم ذكر الخالق على البارئ،