المسلمين وقتال الكافرين ومواساة فقراء المسلمين، وسمى ذلك الإنفاق قرضا من حيث وعد به الجنة تشبيها بالقرض.
المسألة الثالثة: اختلفوا في المراد من هذا الإنفاق، فمنهم من قال: المراد الإنفاقات الواجبة، ومنهم من قال: بل هو في التطوعات، والأقرب دخول الكل فيه.
المسألة الرابعة: ذكروا في كون القرض حسنا وجوها أحدها: قال مقاتل: يعني طيبة بها نفسه وثانيها: قال الكلبي: يعني يتصدق بها لوجه الله وثالثها: قال بعض العلماء: القرض لا يكون حسنا حتى يجمع أوصافا عشرة الأول: أن يكون من الحلال قال عليه الصلاة والسلام: " إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب " وقال عليه الصلاة والسلام: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول " والثاني: أن يكون من أكرم ما يملكه دون أن ينفق الردئ، قال الله تعالى: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * (البقرة: 267)، الثالث: أن تتصدق به وأنت تحبه وتحتاج إليه بأن ترجو الحياة وهو المراد بقوله تعالى: * (وآتى المال على حبه) * (البقرة: 177) وبقول: * (ويطعمون الطعام على حبه) * (الإنسان: 8) على أحد التأويلات وقال عليه الصلاة والسلام: " الصدقة أن تعطي وأنت صحيح شحيح تأمل العيش، ولا تمهل حتى إذا بلغت التراقي قلت لفلان كذا ولفلان كذا " والرابع: أن تصرف صدقتك إلى الأحوج الأولى بأخذها، ولذلك خص الله تعالى أقواما بأخذها وهم أهل السهمان الخامس: أن تكتم الصدقة ما أمكنك لأنه تعالى قال: * (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) * (البقرة: 271)، السادس: أن لا تتبعها منا ولا أذى، قال تعالى: * (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) * (البقرة: 264)، السابع: أن تقصد بها وجه الله ولا ترائي، كما قال: * (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى) * (الليل: 20، 21) ولأن المرائي مذموم بالاتفاق الثامن: أن تستحقر ما تعطي وإن كثر، لأن ذلك قليل من الدنيا، والدنيا كلها قليلة، وهذا هو المراد من قوله تعالى: * (ولا تمنن تستكثر) * (المدثر: 6) في أحد التأويلات التاسع: أن يكون من أحب أموالك إليك، قال تعالى: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * (آل عمران: 92)، العاشر: أن لا ترى عز نفسك وذل الفقير، بل يكون الأمر بالعكس في نظرك، فترى الفقير كأن الله تعالى أحال عليك رزقه الذي قبله بقوله: * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) * (هود: 6) وترى نفسك تحت دين الفقير، فهذه أوصاف عشرة إذا اجتمعت كانت الصدقة قرضا حسنا، وهذه الآية مفسرة في سورة البقرة.
ثم إنه تعالى قال: * (فيضاعفه له وله أجر كريم) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أنه تعالى ضمن على هذا القرض الحسن أمرين أحدهما: المضاعفة على ما ذكر في سورة البقرة، وبين أن مع المضاعفة له أجر كريم، وفيه قولان: الأول: وهو قول أصحابنا أن المضاعفة إشارة إلى أنه تعالى يضم إلى قدر الثواب مثله من التفضيل والأجر الكريم