حسن الوجه ولا يترك إن أوهم فيصح أن يقال: زيد مضروب الغلام، ولا يجوز ترك الغلام لأنه يوهم الخطأ، وأما حسن الوجه فيجوز ترك الوجه.
ثم قال تعالى:
* (وظل ممدود) *.
وفيه وجوه الأول: ممدود زمانا، أي لا زوال له فهو دائم، كما قال تعالى: * (أكلها دائم وظلها) * (الرعد: 35) أي كذلك الثاني: ممدود مكانا، أي يقع على شيء كبير ويستره من بقعة الجنة الثالث: المراد ممدود أي منبسط، كما قال تعالى: * (والأرض مددناها) * (الحجر: 19) فإن قيل: كيف يكون الوجه الثاني؟ نقول: الظل قد يكون مرتفعا، فإن الشمس إذا كانت تحت الأرض يقع ظلها في الجو فيتراكم الظل فيسود وجه الأرض وإذا كانت على أحد جانبيها قريبة من الأفق ينبسط على وجه الأرض فيضيء الجو ولا يسخن وجه الأرض، فيكون في غاية الطيبة، فقوله: * (وظل ممدود) * أي عند قيامه عمودا على الأرض كالظل بالليل، وعلى هذا فالظل ليس ظل الأشجار بل ظل يخلقه الله تعالى.
وقوله تعالى:
* (ومآء مسكوب) *.
فيه أيضا وجوه الأول: مسكوب من فوق، وذلك لأن العرب أكثر ما يكون عندهم الآبار والبرك فلا سكب للماء عندهم بخلاف المواضع التي فيها العيون النابعة من الجبال الحاكمة على الأرض تسكب عليها الثاني: جار في غير أخدود، لأن الماء المسكوب يكون جاريا في الهواء ولا نهر هناك، كذلك الماء في الجنة الثالث: كثير وذلك الماء عند العرب عزيز لا يسكب، بل يحفظ ويشرب، فإذا ذكروا النعم يعدون كثرة الماء ويعبرون عن كثرتها بإراقتها وسكبها، والأول أصح.
ثم قال تعالى:
* (وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة) *.
لما ذكر الأشجار التي يطلب منها ورقها ذكر بعدها الأشجار التي يقصد ثمرها، وفيه مسائل: المسألة الأولى: ما الحكمة في تقديم الأشجار المورقة على غير المورقة؟ نقول: هي ظاهرة، وهو أنه قدم الورق على الشجر على طريقة الارتقاء من نعمة إلى ذكر نعمة فوقها، والفواكه أتم نعمة. المسألة الثانية: ما الحكمة في ذكر الأشجار المورقة بأنفسها، وذكر أشجار الفواكه بثمارها؟ نقول: هي أيضا ظاهرة، فإن الأوراق حسنها عند كونها على الشجر، وأما الثمار فهي في أنفسها مطلوبة سواء كانت عليها أو مقطوعة، ولهذا صارت الفواكه لها أسماء بها تعرف أشجارها، فيقال: شجر التين وورقه.