في قلب ستين إنسانا، أقرب إلى رضا الله تعالى من إدخال السرور في قلب الإنسان الواحد.
المسألة الثانية عشرة: قال أصحاب الشافعي: إنه تعالى قال في الرقبة: * (فمن لم يجد فصيام شهرين) * وقال في الصوم: * (فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) * فذكر في الأول: * (فمن لم يجد) * وفي الثاني: * (فمن لم يستطع) * فقالوا: من ماله غائب لم ينتقل إلى الصوم بسبب عجزه عن الإعتاق في الحال أما من كان مريضا في الحال، فإنه ينتقل إلى الإطعام وإن كان مرضه بحيث يرجى زواله، قالوا: والفرق أنه قال في الانتقال إلى الإطعام: * (فمن لم يستطع) * وهو بسبب المرض الناجز، والعجز العاجل غير مستطيع، وقال في الرقبة: * (فمن لم يجد) * والمراد فمن لم يجد رقبة أو مالا يشتري به رقبة، ومن ماله غائب لا يسمى فاقدا للمال، وأيضا يمكن أن يقال في الفرق إحضار المال يتعلق باختياره وأما إزالة المرض فليس باختياره.
المسألة الثالثة عشرة: قال بعض أصحابنا: الشبق المفرط والغلمة الهائجة، عذر في الانتقال إلى الإطعام، والدليل عليه أنه عليه السلام لما أمر الأعرابي بالصوم قال له: وهل أتيت إلا من قبل الصوم فقال عليه السلام أطعم " دل الحديث على أن الشبق الشديد عذر في الانتقال من الصوم إلى الإطعام، وأيضا الاستطاعة فوق الوسع، والوسع فوق الطاقة، فالاستطاعة هو أن يتمكن الإنسان من الفعل على سبيل السهولة، ومعلوم أن هذا المعنى لا يتم مع شدة الشبق، فهذه جملة مختصرة مما يتعلق بفقه القرآن في هذه الآية، والله أعلم.
قوله تعالى: * (ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير) * قال الزجاج: * (ذلكم) * للتغليظ في الكفارة * (توعظون به) * أي أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار ولا تعاودوه، وقال غيره * (ذلكم توعظون به) * أي تؤمرون به من الكفارة * (والله بما تعملون خبير) * من التكفير وتركه.
قوله تعالى * (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتمآسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم) *.
ثم ذكر تعالى حكم العاجز عن الرقبة فقال: * (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) * فدلت الآية على أن التتابع شرط، وذكر في تحرير الرقبة والصوم أنه لا بد وأن يوجدا من قبل أن يتماسا، ثم ذكر تعالى أن من لم يستطع ذلك فإطعام ستين مسكينا، ولم يذكر أنه لا بد من وقوعه قبل المماسة، إلا أنه كالأولين بدلالة الإجماع، والمسائل الفقهية المفرعة على هذه الآية كثيرة مذكورة في كتاب الفقه.