لكل أحد، وكيفية وقوعها، فلا يوجد لها كاذبة ولا متأول يظهر فقوله: * (خافضة رافعة) * معطوف على * (كاذبة) * نسقا، فيكون كما يقول القائل: ليس لي في الأمر شك ولا خطأ، أي لا قدرة لأحد على رفع المنخفض ولا خفض المرتفع.
المسألة الثانية: * (إذا وقعت الواقعة) * يحتمل أن تكون الواقعة صفة لمحذوف وهي القيامة أو الزلزلة على ما بينا، ويحتمل أن يكون المحذوف شيئا غير معين، وتكون تاء التأنيث مشيرة إلى شدة الأمر الواقع وهوله، كما يقال: كانت الكائنة والمراد كان الأمر كائنا ما كان، وقولنا: الأمر كائن لا يفيد إلا حدوث أمر ولو كان يسيرا بالنسبة إلى قوله: كانت الكائنة، إذ في الكائنة وصف زائد على نفس كونه شيئا، ولنبين هذا ببيان كون الهاء للمبالغة في قولهم: فلان راوية ونسابة، وهو أنهم إذا أرادوا أن يأتوا بالمبالغة في كونه راويا كان لهم أن يأتوا بوصف بعد الخبر ويقولون: فلان راو جيد أو حسن أو فاضل، فعدلوا عن التطويل إلى الإيجاز مع زيادة فائدة، فقالوا: نأتي بحرف نيابة عن كلمة كما أتينا بهاء التأنيث حيث قلنا: ظالمة بدل قول القائل: ظالم أنثى، ولهذا لزمهم بيان الأنثى عند مالا يمكن بيانها بالهاء في قولهم شاة أنثى وكالكتابة في الجمع حيث قلنا: قالوا بدلا عن قول القائل: قال وقال وقال، وقالا بدلا عن قوله: قال وقال فكذلك في المبالغة أرادوا أن يأتوا بحرف يغني عن كلمة والحرف الدال على الزيادة ينبغي أن يكون في الآخر، لأن الزيادة بعد أصل الشيء، فوضعوا الهاء عند عدم كونها للتأنيث والتوحيد في اللفظ المفرد لا في الجمع للمبالغة إذا ثبت هذا فنقول: في كانت الكائنة ووقعت الواقعة حصل هذا معنى لا لفظا، أما معنى فلأنهم قصدوا بقولهم: كانت الكائنة أن الكائن زائد على أصل ما يكون، وأما لفظا فلأن الهاء لو كانت للمبالغة لما جاز إثبات ضمير المؤنث في الفعل، بل كان ينبغي أن يقولوا: كان الكائنة ووقع الواقعة، ولا يمكن ذلك لأنا نقول: المراد به المبالغة.
المسألة الثالثة: العامل في * (إذا) * ماذا؟ نقول: فيه ثلاث أوجه أحدها: فعل متقدم يجعل إذا مفعولا به لا ظرفا وهو أذكر، كأنه قال: أذكر القيامة ثانيها: العامل فيها ليس لوقعتها كاذبة كما تقول: يوم الجمعة ليس لي شغل ثالثها: يخفض قوم ويرفع قوم، وقد دل عليه * (خافضة رافعة) *، وقيل: العامل فيها قوله: * (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة) * (الواقعة: 8) أي في يوم وقوع الواقعة.
المسألة الرابعة: * (ليس لوقعتها) * إشارة إلى أنها تقع دفعة واحدة فالوقعة للمرة الواحدة، وقوله: * (كاذبة) * يحتمل وجوها أحدها: كاذبة صفة لمحذوف أقيمت مقامه تقديره ليس لها نفس تكذب ثانيها: الهاء للمبالغة كما تقول في الواقعة وقد تقدم بيانه ثالثها: هي مصدر كالعاقبة فإن قلنا بالوجه الأول فاللام تحتمل وجهين أحدهما: أن تكون للتعليل أي لا تكذب نفس في ذلك اليوم لشدة وقعتها كما يقال: لا كاذب عند الملك لضبطه الأمور فيكون نفيا عاما بمعنى أن كل أحد يصدقه فيما يقول وقال: وقبله نفوس كواذب في أمور كثيرة ولا كاذب فيقول: