ضم الألف فمعناه: أنهن أحصن بالأزواج. هكذا قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد. ومنهم من طعن في الوجه الأول فقال: انه تعالى وصف الإماء بالايمان في قوله: * (فتياتكم المؤمنات) * ومن البعيد أن يقال فتياتكم المؤمنات، ثم يقال: فإذا آمن، فان حالهن كذا وكذا، ويمكن أن يجاب عنه بأنه تعالى ذكر حكمين: الأول: حال نكاح الإماء، فاعتبر الايمان فيه بقوله: * (من فتياتكم المؤمنات) * والثاني: حكم ما يجب عليهن عند إقدامهن على الفاحشة، فذكر حال إيمانهن أيضا في هذا الحكم، وهو قوله: * (فإذا أحصن) *.
المسألة الثانية: في الآية إشكال قوي، وهو أن المحصنات في قوله: * (فعليهن نصف ما على المحصنات) * إما أن يكون المراد منه الحرائر المتزوجات، أو المراد منه الحرائر الأبكار. والسبب في إطلاق اسم المحصنات عليهن حريتهن. والأول مشكل، لأن الواجب على الحرائر المتزوجات في الزنا: الرجم، فهذا يقتضي أن يجب في زنا الإماء نصف الرجم، ومعلوم أن ذلك باطل. والثاني: وهو أن يكون المراد: الحرائر الأبكار، فحينئذ يكون هذا الحكم معلقا بمجرد صدور الزنا عنهن، وظاهر الآية يقتضي كونه معلقا بمجموع الأمرين: الاحصان والزنا، لأن قوله: * (فإذا أحصن فان أتين بفاحشة) * شرط بعد شرط، فيقتضي كون الحكم مشروطا بهما نصا، فهذا إشكال قوي في الآية.
والجواب: أنا نختار القسم الثاني، وقوله: * (فإذا أحصن) * ليس المراد منه جعل هذا الاحصان شرطا لأن يجب في زناها خمسون جلدة، بل المعنى أن حد الزنا يغلظ عند التزوج، فهذه إذا زنت وقد تزوجت فحدها خمسون جلدة لا يزيد عليه، فبأن يكون قبل التزوج هذا القدر أيضا أولى، وهذا مما يجري مجرى المفهوم بالنص، لأن عند حصول ما يغلظ الحد، لما وجب تخفيف الحد لمكان الرق، فبأن يجب هذا القدر عند مالا يوجد ذلك المغلظ كان أولى والله أعلم.
المسألة الثالثة: الخوارج اتفقوا على انكار الرجم، واحتجوا بهذه الآية، وهو أنه تعالى أوجب على الأمة نصف ما على الحرة المحصنة، فلو وجب على الحرة المحصنة الرجم، لزم أن يكون الواجب على الأمة نصف الرجم وذلك باطل، فثبت أن الواجب على الحرة المتزوجة ليس إلا الجلد، والجواب عنه ما ذكرناه في المسألة المتقدمة، وتمام الكلام فيه مذكور في سورة النور في تفسير قوله: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * (النور: 2).
المسألة الرابعة: اعلم أن الفقهاء صيروا هذه الآية أصلا في نقصان حكم العبد عن حكم الحر