فأما التفسير، فالذين تولوا: هم المنافقون، والمغضوب عليهم: [هم] اليهود (ما هم منكم) يعني: المنافين ليسوا من المسلمين، ولا من اليهود (ويحلفون على الكذب) وهو ما ذكرنا في سبب نزولها. وقال بعضهم: حلفوا أنهم ما سبوا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا تولوا اليهود (وهم يعلمون) أنهم كذبة (اتخذوا أيمانهم جنة) أي: سترة [يتقون بها القتل. قال ابن قتيبة: المعنى: استتروا] بالحلف، فكلما ظهر لهم شيء يوجب معاقبتهم حلفوا كاذبين، (فصدوا عن سبيل الله) فيه قولان.
أحدهما: صدوا الناس عن دين الإسلام قاله السدي.
والثاني: صدوا عن جهادهم بالقتل وأخذ مالهم.
قوله [عز وجل]: (فيحلفون له) قال مقاتل، وقتادة: يحلفون لله في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا (ويحسبون أنهم على شيء) من أيمانهم الكاذبة (ألا إنهم هم الكاذبون) في قولهم وأيمانهم.
قوله [عز وجل]: (استحوذ عليهم الشيطان) قال أبو عبيدة: غلب عليهم، وحاذهم، وقد بينا هذا في سورة (النساء) عند قوله [عز وجل]: (ألم نستحوذ عليكم)، وما بعد هذا ظاهرا إلى قوله [عز وجل]: (أولئك في الأذلين) أي: في المغلوبين، فلهم في الدنيا [ذل] وفي الآخرة خزي.
إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين (20) كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز (21) لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (22)