والثاني: أنها نزلت في المنافقين، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال مقاتل: سأل المنافقون سلمان الفارسي فقالوا: حدثنا عن التوراة فقال فإن فيها العجائب، فنزلت هذه الآية. وقال الزجاج:
نزلت هذه الآية في طائفة من المؤمنين حثوا على الرقة والخشوع. فأما من كان وصفه الله عز وجل بالخشوع، والرقة، فطبقة من المؤمنين فوق هؤلاء. فعلى الأول: يكون الإيمان حقيقة. وعلى الثاني: يكون المعنى: " ألم يأن للذين آمنوا " بألسنتهم. قال ابن قتيبة: المعنى: ألم يحن. تقول:
آن الشيء: إذا حان.
قوله [عز وجل]: (أن تخشع قلوبهم) أي: ترق وتلين لذكر الله. المعنى، أنه يجب أن يورثهم الذكر خشوعا (وما نزل من الحق) قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي " وما نزل " بفتح النون، والزاي، مع تشديد الزاي. وقرأ نافع، وحفص، والمفضل عن عاصم [" نزل "] بفتح النون، وتخفيف الزاي. وقرأ أبو عبد [الرحمن] السلمي، وأبو العالية، وابن يعمر، ويونس بن حبيب عن أبي عمرو، وأبان عن عاصم " نزل " برفع النون، وكسر الزاي، مع تشديدها. وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء " وما أنزل " بهمزة مفتوحة، وفتح الزاي. وقرأ أبو مجلز، وعمرو بن دينار مثله، إلا أنه بضم الهمزة، وكسر الزاي. و " الحق " القرآن (ولا يكونوا) قرأ رويس عن يعقوب " ولا تكونوا " بالتاء (كالذين أوتوا الكتاب) يعني: اليهود: والنصارى (فطال عليهم الأمد) وهو: الزمان. وقال ابن قتيبة: الأمد: الغاية. والمعنى: أنه بعد عهدهم بالأنبياء والصالحين (فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) وهم الذين لم يؤمنوا بعيسى ومحمد عليهما السلام (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها) أي: يخرج منها النبات بعد يبسها، فكذلك يقدر على إحياء الأموات (قد بينا لكم الآيات) الدالة على وحدانيته وقدرته (لعلكم تعقلون)، أي: لكي تتأملوا.