نرضاه. وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا السري بن عاصم بإسناد ذكره: أنه شهد عند أياس بن معاوية رجل من أصحاب الحسن، فرد شهادته، فبلغ الحسن وقال: قوموا بنا إليه! قال: فجاء إلى إياس فقال: يا لكع ترد شهادة رجل مسلم؟ فقال: نعم! قال الله تعالى: (ممن ترضون من الشهداء) وليس هو ممن أرضى. قال: فسكت الحسن، فقال خصم الشيخ: فمن شرط الرضا للشهادة أن يكون الشاهد متيقظا حافظا لما يسمعه متقنا لما يؤديه. وقد ذكر بشر بن الوليد عن أبي يوسف في صفة العدل أشياء، منها أنه قال: (من سلم من الفواحش التي تجب فيها الحدود وما يشبه ما تجب فيه من العظائم وكان يؤدي الفرائض وأخلاق البر فيه أكثر من المعاصي الصغار، قبلنا شهادته، لأنه لا يسلم عبد من ذنب. وإن كانت ذنوبه أكثر من أخلاق البر رددنا شهادته. ولا تقبل شهادة من يلعب بالشطرنج يقامر عليها ولا من يلعب بالحمام ويطيرها، وكذلك من يكثر الحلف بالكذب لا تجوز شهادته) قال: (وإذا ترك الرجل الصلوات الخمس في الجماعة استخفافا بذلك أو مجانة أو فسقا فلا تجوز شهادته، وإن تركها على تأويل وكان عدلا فيما سوى ذلك قبلت شهادته) قال: (وإن داوم على ترك ركعتي الفجر لم تقبل شهادته، وإن كان معروفا بالكذب الفاحش لم أقبل شهادته، وإن كان لا يعرف بذلك وربما ابتلي بشئ منه والخير فيه أكثر من الشر قبلت شهادته، ليس يسلم أحد من الذنوب). قال: وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وابن أبي ليلى:
(شهادة أهل الأهواء جائزة إذا كانوا عدولا، إلا صنفا من الرافضة يقال لهم الخطابية، فإنه بلغني أن بعضهم يصدق بعضا فيما يدعي إذا حلف له ويشهد بعضهم لبعض، فلذلك أبطلت شهادتهم). وقال أبو يوسف: (أيما رجل أظهر شتيمة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم أقبل شهادته، لأن رجلا لو كان شتاما للناس والجيران لم أقبل شهادته، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم أقبل أعظم حرمة). وقال أبو يوسف: (ألا ترى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا واقتتلوا وشهادة الفريقين جائزة؟ لأنهم اقتتلوا على تأويل، فكذلك أهل الأهواء من المتأولين).
قال أبو يوسف: (ومن سألت عنه فقالوا إنا نتهمه بشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لا أقبل هذا حتى يقولوا سمعناه يشتم) قال: (فإن قالوا: نتهمه بالفسق والفجور ونظن ذلك به ولم نره، فإني أقبل ذلك ولا أجيز شهادته. والفرق بينهما أن الذين قالوا نتهمه بالشتم قد أثبتوا له الصلاح وقالوا نتهمه بالشتم فلا يقبل هذا إلا بسماع، والذين قالوا نتهمه بالفسق والفجور ونظن ذلك به ولم نره فإني أقبل ذلك ولا أجيز شهادته أثبتوا له صلاحا وعدالة). وذكر ابن رستم عن محمد أنه قال: (لا أقبل شهادة الخوارج، إذ كانوا قد خرجوا يقاتلون المسلمين، وإن شهدوا) قال: قلت: ولم لا تجيز شهادتهم وأنت تجيز شهادة الحرورية؟ قال: (لأنهم لا يستحلون أموالنا ما لم يخرجوا، فإذا خرجوا استحلوا