ذكر له ذلك، فقال عمر: إنهما لا يقولان شيئا هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، قال أبو عبيد:
وحدثنا ابن أبي زائدة، عن الحجاج بن أرطاة، عن الحسن بن سعيد، عن ابن عباس قال: أنبأني أبو طلحة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة). قال: وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا الحجاج عن شعبة قال: حدثني حميد بن هلال قال: سمعت مطرف بن عبد الله بن الشخير يقول: قال عمران بن الحصين: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل قرآن بتحريمه). قال: وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حميد عن بكر بن عبد الله قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة، قال بكر: فحدثت ابن عمر بذلك قال: لبى بالحج وحده، قال بكر: فلقيت أنس بن مالك فحدثته بقول ابن عمر، فقال:
ما يعدونا إلا صبياننا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لبيك عمرة وحجا).
قال أبو بكر: وجائز أن يكون ابن عمر سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لبيك بحجة) وسمعه أنس في وقت آخر يقول: (لبيك بعمرة وحجة) وكان قارنا، وجائز للقران أن يقول مرة:
لبيك بعمرة وحجة، وتارة: لبيك بحجة، وأخرى: لبيك بعمرة: فليس في حديث ابن عمر نفي لما رواه أنس.
وقالت عائشة: (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر أحدها مع حجة الوداع). وروى يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بوادي العقيق: (أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل حجة وعمرة!). وروي: (عمرة في حجة). وفي حديث جابر وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يجعلوا حجهم عمرة، وقال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة). وقال لعلي: (بماذا أهللت؟) قال:
بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (إني سقت الهدي ولا أحل إلى يوم النحر) فلو لم يكن هديه هدي تمتع وقران لما منعه الإحلال، لأن هدي التطوع لا وقت له يجوز ذبحه متى شاء، فدل ذلك على أن هديه كان هدي قران، ولذلك منعه الإحلال لأنه لا يجوز ذبحه قبل يوم النحر.
فهذه الأخبار توجب كون النبي صلى الله عليه وسلم قارنا، ورواية من روى أنه كان مفردا غير معارض لها من وجوه، أحدها: أنها ليست في وزن الأخبار التي فيها ذكر القران في الاستفاضة والشيوع. والثاني: أن الراوي للإفراد أكثر ما أخبر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(لبيك بحجة) وذلك لا ينفي كونه قارنا، لأنه جائز للقارن أن يذكر الحج وحده تارة وتارة العمرة وحدها وأخرى ويذكرهما. والثالث: أنهما لو تساويا في النقل والاحتمال