حتى يستقبل حجا). وحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثني أبو عبيد قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بن أنس، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنا من أهل بالحج ومنا من أهل بالحج والعمرة ومنا من أهل بالعمرة) قالت: (وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بالعمرة فطاف بالبيت وسعى وأحل، وأما من أهل بالحج أو بالحج والعمرة فلم يحل إلى يوم النحر). وقال: وحدثنا أبو عبيد قال: حدثني عبد الرحمن عن مالك، عن أبي الأسود، عن سليمان بن يسار، مثل ذلك، إلا أنه لم يذكر إهلال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روي عن عائشة خلاف ذلك، حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد عن يحيى بن سعيد: أن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أنها سمعت عائشة تقول: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة ونحن لا نرى إلا الحج، فلما قربنا أو دنونا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة، قالت: فأحل الناس كلهم إلا من كان معه هدي). قال:
وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وزاد فيه: قال يحيى: فذكرت ذلك للقاسم بن محمد، فقال: جاءتك بالحديث على وجهه. وهذا هو الصحيح لما ورد فيه من الآثار المتواترة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بفسخ الحج، وقول عمر بحضرة الصحابة (متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما متعة النساء ومتعة الحج) وهو يعني هذه المتعة، فلم يظهر من أحد منهم إنكاره ولا الخلاف عليه.
ولو تعارضت أخبار عائشة لكان سبيلها أن تسقط كأنه لم يرو عنها شئ وتبقى الأخبار الأخر في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بفسخ الحج من غير معارض، ويكون منسوخا بقوله: (وأتموا الحج والعمرة لله) على ما روي عن عمر رضي الله عنه.
وقوله: (فما استيسر من الهدي) قال أبو بكر: الهدي المذكور ههنا مثل الهدي المذكور للإحصار، وقد بينا أن أدناه شاة، وأن من شاء جعله بقرة أو بعيرا فيكون أفضل.
وهذا الهدي لا يجزي إلا يوم النحر، لقوله تعالى: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) [الحج: 28 و 29] وقضاء التفث وطواف الزيارة لا يكون قبل يوم النحر. ولما رتب هذه الأفعال على ذبح هذه البدن دل على أنها بدن القران والتمتع، لاتفاق الجميع على أن سائر الهدايا لا تترتب عليها هذه الأفعال وأن له أن ينحرها متى شاء، فثبت بذلك أن هدي المتعة غير مجزئ