وقد روي عن عمر وعلي وعبد الله قتل المسلم بالذمي، حدثنا ابن قانع قال: حدثنا علي بن الهيثم، عن عثمان الفزاري قال: حدثنا مسعود بن جويرية قال: حدثنا عبد الله بن خراش، عن واسط، عن الحسن بن ميمون، عن أبي الجنوب الأسدي قال: جاء رجل من أهل الحيرة إلى علي كرم الله وجهه فقال: يا أمير المؤمنين رجل من المسلمين قتل ابني ولي بينة! فجاء الشهود فشهدوا، وسأل عنهم فزكوا، فأمر بالمسلم فأقعد وأعطي الحيري سيفا وقال: (أخرجوه معه إلى الجبانة فليقتله!) وأمكناه من السيف، فتباطأ الحيري، فقال له بعض أهله: هل لك في الدية تعيش فيها وتصنع عندنا يدا؟ قال: نعم!
وغمد السيف وأقبل إلى علي فقال: (لعلهم سبوك وتواعدوك؟) قال: لا والله، ولكني اخترت الدية. فقال علي: (أنت أعلم) قال: ثم أقبل علي على القوم فقال: (أعطيناهم الذي أعطيناهم لتكون دماؤنا كدمائهم ودياتنا كدياتهم).
وحدثنا ابن قانع قال: حدثنا معاذ بن المثنى قال: حدثنا عمرو بن مرزوق قال:
حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة: أن رجلا من المسلمين قتل رجلا من العباديين، فقدم أخوه على عمر بن الخطاب، فكتب عمر أن يقتل، فجعلوا يقولون: يا جبير اقتل! فجعل يقول: حتى يأتي الغيظ. فكتب عمر أن لا يقتل ويودى.
وروي في غير هذا الحديث أن الكتاب ورد بعد أن قتل: وأنه إنما كتب أن يسأل الصلح على الدية حين كتب إليه أنه من فرسان المسلمين.
وروى أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن إدريس، عن ليث عن الحكم، عن علي وعبد الله بن مسعود قالا: (إذا قتل يهوديا أو نصرانيا قتل به). وروى حميد الطويل عن ميمون عن مهران: أن عمر بن عبد العزيز أمر أن يقتل مسلم بيهودي فقتل. فهؤلاء الثلاثة أعلام الصحابة وقد روي عنهم ذلك وتابعهم عمر بن عبد العزيز عليه، ولا نعلم أحدا من نظرائهم خلافه.
واحتج مانعو قتل المسلم بالذمي بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده!) رواه قيس بن عباد وحارثة بن قدامة وأبو جحيفة. وقيل لعلي: هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد سوى القرآن؟ فقال: ما عهدي إلا كتاب في قراب سيفي وفيه: المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، ولا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده) وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: (لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده!) وقد روى ابن عمر أيضا ما حدثنا