الرجال والنساء إلا في الأنفس)، وروى عن ابن شبرمة رواية أخرى: أن بينهم قصاصا فيما دون النفس. وقال ابن أبي ليلى ومالك والثوري والليث والأوزاعي والشافعي:
(القصاص واقع فيما بين الرجال والنساء في الأنفس وما دونها) إلا أن الليث قال: (إذا جنى الرجل على امرأته عقلها ولم يقتص منه). وقال عثمان البتي: (إذا قتلت امرأة رجلا قتلت به وأخذ من مالها نصف الدية، وكذلك إن أصابته بجراحة) قال: (وإن كان هو الذي قتلها أو جرحها فعليه القود ولا يرد عليه شئ). وقد روي عن السلف اختلاف في ذلك، فروى قتادة عن سعيد بن المسيب: (أن عمر قتل نفرا من أهل صنعاء بامرأة أقادهم بها). وروي عن عطاء والشعبي ومحمد بن سيرين: أنه يقتل بها. واختلف عن علي عليه السلام فيها، فروى ليث عن الحكم عن علي وعبد الله قالا: (إذا قتل الرجل المرأة متعمدا فهو بها قود). وروي عن عطاء والشعبي والحسن البصري أن عليا قال: (إن شاؤوا قتلوه وأدوا نصف الدية، وإن شاؤوا أخذوا نصف دية الرجل). وروى أشعث عن الحسن في امرأة قتلت رجلا عمدا قال: (تقتل وترد نصف الدية).
قال أبو بكر: ما روي عن علي من القولين في ذلك مرسل، لأن أحدا من رواته لم يسمع من علي شيئا، ولو ثبتت الروايتان كان سبيلهما أن تتعارضا وتسقطا فكأنه لم يرو عنه في ذلك شئ. وعلى أن رواية الحكم في إيجاب القود دون المال أولى لموافقتها لظاهر الكتاب، وهو قوله تعالى: (كتب عليكم القصاص في القتلى)، وسائر الآي الموجبة للقود ليس في شئ منها ذكر الدية، وهو غير جائز أن يزيد في النص إلا بنص مثله، لأن الزيادة في النص توجب النسخ. حدثنا ابن قانع قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا حميد عن أنس بن مالك: أن الربيع بنت النضر لطمت جارية فكسرت ثنيتها فعرض عليهم الأرش فأبوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر فقال: يا رسول الله تكسر سن الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق! فقال: (يا أنس، كتاب الله القصاص!) فعفا القوم، فقال عليه عليه السلام: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) فأخبر عليه السلام أن الذي في كتاب الله القصاص دون المال، فلا جائز إثبات المال مع القصاص. ومن جهة أخرى أنه إذا لم يجب القصاص بنفس المقتل فغير جائز إيجابه مع إعطاء المال، لأن المال حينئذ يصير بدلا من النفس، وغير جائز قتل النفس بالمال، ألا ترى أن من رضي أن يقتل ويعطى مالا يكون لوارثه لم يصح ذلك ولم يجز أن يستحق النفس بالمال؟ فبطل أن يكون القصاص موقوفا على إعطاء المال.
وأما مذهب الحسن وقول عثمان البتي في أن المرأة إذا كانت القاتلة قتلت وأخذ