وقرأ ذلك آخرون: ما كان لنبي أن يغل بضم الياء وفتح الغين، وهي قراءة عظم قراء أهل المدينة والكوفة.
واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ما كان لنبي أن يغله أصحابه. ثم أسقط الأصحاب، فبقي الفعل غير مسمى فاعله، وتأويله: وما كان لنبي أن يخان. ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عوف، عن الحسن أنه كان يقرأ: وما كان لنبي أن يغل قال عوف: قال الحسن: أن يخان.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وما كان لنبي أن يغل يقول: وما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه من المؤمنين، ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على النبي (ص) يوم بدر، وقد غل طوائف من أصحابه.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: وما كان لنبي أن يغل قال: أن يغله أصحابه.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: وما كان لنبي أن يغل قال الربيع بن أنس، يقول: ما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه، قال:
ذكر لنا - والله أعلم - أن هذه الآية أنزلت على نبي الله (ص) يوم بدر، وقد غل طوائف من أصحابه.
وقال آخرون منهم: معنى ذلك: وما كان لنبي أن يتهم بالغلول فيخون ويسرق. وكأن متأولي ذلك كذلك وجهوا قوله: وما كان لنبي أن يغل إلى أنه مراد به يغلل، ثم خففت العين من يفعل فصارت يفعل، كما قرأ من قرأ قوله: فإنهم لا يكذبونك بتأول يكذبونك.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي قراءة من قرأ: * (وما كان لنبي أن يغل) * بمعنى: ما الغلول من صفات الأنبياء، ولا يكون نبيا من غل. وإنما اخترنا ذلك، لان الله عز وجل أوعد عقيب قوله: * (وما كان لنبي أن يغل) * أهل الغلول، فقال: * (ومن يغلل يأت