لهم أن يعلونا فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين، حتى أهبطوهم عن الجبل. ونهض رسول الله (ص) إلى صخرة من الجبل ليعلوها، وكان رسول الله (ص) قد بدن، فظاهر بين درعين، فلما ذهب لينهض، فلم يستطع، جلس تحته طلحة بن عبيد الله، فنهض حتى استوى عليها ثم إن أبا سفيان حين أراد الانصراف، أشرف على الجبل، ثم صرخ بأعلى صوته أنعمت فقال، إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر، أعل هبل! أي أظهر دينك. فقال رسول الله (ص) لعمر: قم فأجبه فقل: الله أعلى وأجل، لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار فلما أجاب عمر رضي الله عنه أبا سفيان، قال له أبو سفيان: هلم إلي يا عمر! فقال له رسول الله (ص): ائته فانظر ما شأنه! فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر، أقتلنا محمدا؟ فقال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الآن. فقال: أنت أصدق عندي من ابن قميئة، وأشار لقول ابن قميئة لهم: إني قتلت محمدا. ثم نادى أبو سفيان، فقال: إنه قد كان في قتلاكم مثله، والله ما رضيت، ولا سخطت، ولا نهيت، ولا أمرت.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق: * (فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم) *: أي كربا بعد كرب قتل من قتل من إخوانكم، وعلو عدوكم عليكم، وما وقع في أنفسكم من قول من قال: قتل نبيكم، فكان ذلك مما تتابع عليكم غما بغم، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من ظهوركم على عدوكم بعد أن رأيتموه بأعينكم، ولا ما أصابكم من قتل إخوانكم، حتى فرجت بذلك الكرب عنكم، والله خبير بما تعلمون. وكان الذي فرج عنهم ما كانوا فيه من الكرب والغم الذي أصابهم أن الله عز وجل رد عنهم كذبة الشيطان بقتل نبيهم، فلما رأوا رسول الله (ص) حيا بين أظهرهم،