حين انهزموا عن المشركين صعدوا الجبل. وقد قال ذلك عدد من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: لما شد المشركون على المسلمين بأحد فهزموهم، دخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة، فقاموا عليها، وجعل رسول الله (ص) يدعو الناس: إلي عباد الله، إلي عباد الله! فذكر الله صعودهم على الجبل، ثم ذكر دعاء نبي الله (ص) إياهم، فقال: * (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم) *.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: انحازوا إلى النبي (ص)، فجعلوا يصعدون في الجبل، والرسول يدعوهم في أخراهم.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال ابن عباس، قوله: * (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد) * قال: صعدوا في أحد فرارا.
قال أبو جعفر: وقد ذكرنا أن أولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ: * (إذ تصعدون) * بضم التاء وكسر العين، بمعنى السبق والهرب في مستوى الأرض، أو في المهابط، لاجماع الحجة على أن ذلك هو القراءة الصحيحة. ففي إجماعها على ذلك الدليل الواضح على أن أولى التأويلين بالآية تأويل من قال: أصعدوا في الوادي، ومضوا فيه، دون قول من قال:
صعدوا على الجبل.
وأما قوله: * (ولا تلوون على أحد) * فإنه يعني: ولا تعطفون على أحد منكم، ولا يلتفت بعضكم إلى بعض هربا من عدوكم مصعدين في الوادي. ويعني بقوله: * (والرسول يدعوكم في أخراكم) *: ورسول الله (ص) يدعوكم أيها المؤمنون به من أصحابه في أخراكم، يعني أنه يناديكم من خلفكم: إلي عباد الله، إلي عباد الله!. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال ابن عباس: * (والرسول يدعوكم في أخراكم) *: إلي عباد الله ارجعوا، إلي عباد الله ارجعوا!.