أبيه، عن الربيع: * (فأثابكم غما بغم) * قال: الغم الأول: الجراح والقتل، والغم الآخر:
حين سمعوا أن رسول الله (ص) ق قتل. فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل، وما كانوا يرجون من الغنيمة، وذلك حين يقول الله: * (لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم) *.
وقال آخرون: بل الغم الأول ما كان فاتهم من الفتح والغنيمة، والثاني إشراف أبي سفيان عليهم في الشعب. وذلك أن أبا سفيان فيما زعم بعض أهل السير لما أصاب من المسلمين ما أصاب، وهرب المسلمون، جاء حتى أشرف عليهم وفيهم رسول الله (ص) في شعب أحد الذي كانوا ولوا إليه عند الهزيمة، فخافوا أن يصطلمهم أبو سفيان وأصحابه.
ذكر الخبر بذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: انطلق رسول الله (ص) يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة، فلما رأوه، وضع رجل سهما في قوسه، فأراد أن يرميه، فقال: أنا رسول الله ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله (ص) حيا، وفرح رسول الله حين رأى أن في أصحابه من يمتنع. فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله (ص) حين ذهب عنهم الحزن، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا. فأقبل أبو سفيان حتى أشرف عليهم، فلما نظروا إليه، نسوا ذلك الذي كانوا عليه، وهمهم أبو سفيان فقال رسول الله (ص): ليس لهم أن يعلونا، اللهم إن تقتل هذه العصابة لا تعبد ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم، فقال أبو سفيان يومئذ: اعل هبل! حنظلة بحنظلة، ويوم بيوم بدر. وقتلوا يومئذ حنظلة بن الراهب وكان جنبا فغسلته الملائكة، وكان حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، قال أبو سفيان: لنا العزى، ولا عزى لكم، فقال رسول الله (ص) لعمر: قل الله مولانا ولا مولى لكم. فقال أبو سفيان: فيكم محمد؟ قالوا: نعم، قال: أما إنها قد كانت فيكم مثلة، ما أمرت بها، ولا نهيت عنها، ولا سرتني، ولا ساءتني. فذكر الله إشراف أبي سفيان عليهم، فقال: * (فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم) * الغم الأول:
ما فاتهم من الغنيمة والفتح، والغم الثاني: إشراف العدو عليهم، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة، ولا ما أصابكم من القتل حين تذكرون، فشغلهم أبو سفيان.