أخبر الله سبحانه أن الايمان هو العروة الوثقى، وأنه لا يقبل عملا إلا به، ولا تحرم الجنة إلا على من تركه.
وقد روي عن ابن عباس في ذلك قراءة جاءت مصاحف المسلمين بخلافها، وأجمعت قراء القرآن على تركها. وذلك ما:
1742 - حدثنا به محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي حمزة، قال: قال ابن عباس: لا تقولوا: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا فإنه ليس لله مثل، ولكن قولوا: فإن آمنوا بالذين آمنتم به فقد اهتدوا، أو قال: فإن آمنوا بما آمنتم به. فكأن ابن عباس في هذه الرواية إن كانت صحيحة عنه يوجه تأويل قراءة من قرأ:
فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به: فإن آمنوا بمثل الله، وبمثل ما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وذلك إذا صرف إلى هذا الوجه شرك لا شك بالله العظيم، لأنه لا مثل لله تعالى ذكره، فنؤمن أو نكفر به. ولكن تأويل ذلك على غير المعنى الذي وجه إليه تأويله، وإنما معناه ما وصفنا، وهو: فإن صدقوا مثل تصديقكم بما صدقتم به من جميع ما عددنا عليكم من كتب الله وأنبيائه، فقد اهتدوا. فالتشبيه إنما وقع بين التصديقين والاقرارين اللذين هما إيمان هؤلاء وإيمان هؤلاء، كقول القائل: مر عمرو بأخيك مثل ما مررت به، يعني بذلك مر عمرو بأخيك مثل مروري به، والتمثيل إنما دخل تمثيلا بين المرورين، لا بين عمرو وبين المتكلم فكذلك قوله: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به إنما وقع التمثيل بين الايمانين لا بين المؤمن به.
القول في تأويل قوله تعالى: وإن تولوا فإنما هم في شقاق.
يعني تعالى ذكر بقوله: وإن تولوا وإن تولى هؤلاء الذين قالوا لمحمد (ص) وأصحابه كونوا هودا أو نصارى، فأعرضوا، فلم يؤمنوا بمثل إيمانكم أيها المؤمنون بالله، وبما جاءت به الأنبياء، وابتعثت به الرسل، وفرقوا بين رسل الله، وبين الله ورسله، فصدقوا ببعض وكفروا ببعض، فاعلموا أيها المؤمنون أنهم إنما هم في عصيان وفراق وحرب لله ولرسوله ولكم. كما:
1743 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، عن قتادة: فإنما هم في شقاق أي في فراق.
1744 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: فإنما هم في شقاق يعني فراق.