عليه إبراهيم من الاسلام، فهو حنيف على ملة إبراهيم.
وقال آخرون: بل ملة إبراهيم حنيفا، بل ملة إبراهيم مخلصا، فالحنيف على قولهم:
المخلص دينه لله وحده. ذكر من قال ذلك:
1734 - حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: واتبع ملة إبراهيم حنيفا يقول: مخلصا.
وقال آخرون: بل الحنيفية الاسلام، فكل من ائتم بإبراهيم في ملته فاستقام عليها فهو حنيف.
قال أبو جعفر: الحنيف عندي هو الاستقامة على دين إبراهيم واتباعه على ملته.
وذلك أن الحنيفية لو كانت حج البيت، لوجب أن يكون الذين كانوا يحجونه في الجاهلية من أهل الشرك كانوا حنفاء، وقد نفى الله أن يكون ذلك تحنفا بقوله: ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين فكذلك القول في الختان لان الحنيفية لو كانت هي الختان لوجب أن يكون اليهود حنفاء، وقد أخرجهم الله من ذلك بقوله: ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما. فقد صح إذا أن الحنيفية ليست الختان وحده، ولا حج البيت وحده، ولكنه هو ما وصفنا من الاستقامة على ملة إبراهيم واتباعه عليها والائتمام به فيها.
فإن قال قائل: فكيف أضيف الحنيفية إلى إبراهيم وأتباعه على ملته خاصة دون سائر الأنبياء قبله وأتباعهم؟ قيل: إن كل من كان قبل إبراهيم من الأنبياء كان حنيفا متبعا طاعة الله، ولكن الله تعالى ذكره لم يجعل أحدا منهم إماما لمن بعده من عباده إلى قيام الساعة، كالذي فعل من ذلك بإبراهيم، فجعله إماما فيما بينه من مناك الحج والختان، وغير ذلك من شرائع الاسلام، تعبدا به أبدا إلى قيام الساعة، وجعل ما سن من ذلك علما مميزا بين مؤمني عباده وكفارهم والمطيع منهم له والعاصي، فسمي الحنيف من الناس حنيفا باتباعه ملته واستقامته على هديه ومنهاجه، وسمي الضال عن ملته بسائر أسماء الملل، فقيل: يهودي ونصراني ومجوسي، وغير ذلك من صنوف الملل.
وأما قوله: وما كان من المشركين يقول: إنه لم يكن ممن يدين بعبادة الأوثان