ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه قال: رغبت اليهود والنصارى عن ملة إبراهيم وابتدعوا اليهودية والنصرانية وليست من الله، وتركوا ملة إبراهيم الاسلام.
القول في تأويل قوله تعالى: إلا من سفه نفسه.
يعني تعالى ذكره بقوله: إلا من سفه نفسه إلا من سفهت نفسه، وقد بينا فيما مضى أن معنى السفه: الجهل. فمعنى الكلام: وما يرغب عن ملة إبراهيم الحنيفية إلا سفيه جاهل بموضع حظ نفسه فيما ينفعها ويضرها في معادها. كما:
1721 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: إلا من سفه نفسه قال: إلا من أخطأ حظه.
وإنما نصب النفس على معنى المفسر ذلك أن السفه في الأصل للنفس، فلما نقل إلى من نصبت النفس بمعنى التفسير، كما يقال: هو أوسعكم دارا، فتدخل الدار في الكلام على أن السعة فيه لا في الرجل. فكذلك النفس أدخلت، لان السفه للنفس لا ل " من " ولذلك لم يجز أن يقال سفه أخوك، وإنما جاز أن يفسر بالنفس وهي مضافة إلى معرفة لأنها في تأويل نكرة.
وقال بعض نحويي البصرة: إن قوله: سفه نفسه جرت مجرى سفه إذا كان الفعل غير متعد. وإنما عداه إلى نفسه ورأيه وأشباه ذلك مما هو في المعنى نحو سفه، إذا هو لم يتعد. فأما غبن وخسر فقد يتعدى إلى غيره، يقال: غبن خمسين، وخسر خمسين.
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد اصطفيناه في الدنيا.
يعني تعال ذكره بقوله: ولقد اصطفيناه في الدنيا ولقد اصطفينا إبراهيم، والهاء التي في قوله: اصطفيناه من ذكر إبراهيم. والاصطفاء: الافتعال من الصفوة، وكذلك اصطفينا افتعلنا منه، صيرت تاؤها طاء لقرب مخرجها من مخرج الصاد.