القول في تأويل قوله تعالى: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله.
يعني بقوله جل ثناؤه: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله وما المتعلمون من الملكين هاروت وماروت ما يفرقون به بين المرء وزوجه، بضارين بالذي تعلموه منهما من المعنى الذي يفرقون به بين المرء وزوجه من أحد من الناس، إلا من قد قضى الله عليه أن ذلك يضره فأما من دفع الله عنه ضره وحفظه من مكروه السحر والنفث والرقى، فإن ذلك غير ضاره ولا نائله أذاه.
وللإذن في كلام العرب أوجه: منها الامر على غير وجه الالزام، وغير جائز أن يكون منه قوله: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله لان الله جل ثناؤه قد حرم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر فكيف به على وجه السحر على لسان الأمة. ومنها التخلية بين المأذون له والمخلى بينه وبينه. ومنها العلم بالشئ، يقال منه: قد أذنت بهذا الامر، إذا علمت به، آذن به إذنا ومنه قول الحطيئة:
ألا يا هند إن جددت وصلا * وإلا فأذنيني بانصرام يعني فأعلميني. ومنه قوله جل ثناؤه: فأذنوا بحرب من الله وهذا هو معنى الآية، كأنه قال جل ثناؤه: وما هم بضارين بالذي تعلموا من الملكين من أحد إلا بعلم الله. يعني بالذي سبق له في علم الله أنه يضره. كما:
1417 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان في قوله: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله قال: بقضاء الله.
القول في تأويل قوله تعالى: ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم.
يعني بذلك جل ثناؤه: ويتعلمون أي الناس الذين يتعلمون من الملكين، ما أنزل عليهما من المعنى الذي يفرقون به بين المرء وزوجه، يتعلمون منهما السحر الذي يضرهم في دينهم ولا ينفعهم في معادهم. فأما في العاجل في الدنيا، فإنهم قد كانوا يكسبون به ويصيبون به معاشا.