وجمال حتى يقبحه عنده فينصرف بوجهه ويعرض عنه حتى يحدث الزوج لامرأته فراقا، فيكون الساحر مفرقا بينهما بإحداثه السبب الذين كان منه فرقة ما بينهما. وقد دللنا في غير موضع من كتابنا هذا على أن العرب تضيف الشئ إلى مسببه من أجل تسببه وإن لم يكن باشر فعل ما حدث عن السبب، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع فكذلك تفريق الساحر بسحره بين المرء وزوجه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قاله عدد من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
1416 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:
فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وتفريقهما أن يؤخذ كل واحد منهما عن صاحبه، ويبغض كل واحد منهما إلى صاحبه.
وأما الذين أبوا أن يكون الملكان يعلمان الناس التفريق بين المرء وزوجه، فإنهم وجهوا تأويل قوله: فيتعلمون منهما إلى فيتعلمون مكان ما علماهم ما يفرقون به بين المرء وزوجه، كقول القائل: ليت لنا كذا من كذا، أي مكان كذا. كما قال الشاعر:
جمعت من الخيرات وطبا وعلبة * وصرا الاخلاف المزممة البزل ومن كل أخلاق الكرام نميمة * وسعيا على الجار المجاور بالنجل يريد بقوله: جمعت من الخيرات، مكان خيرات الدنيا هذه الأخلاق الرديئة والأفعال الدنيئة. ومنه قول الآخر:
صلدت صفاتك أن تلين حيودها * وورثت من سلف الكرام عقوقا يعني ورثت مكان سلف الكرام عقوقا من والديك.