فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وجعلوا ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم.
والذي قلنا أشبه بتأويل الآية لان إلحاق ذلك بالذي يليه من الكلام ما كان للتأويل وجه صحيح أولى من إلحاقه بما قد حيل بينه وبينه من معترض الكلام. والهاء والميم والألف من قوله: منهما من ذكر الملكين. ومعنى ذلك: فيتعلم الناس من الملكين الذي يفرقون به بين المرء وزوجه. وما التي مع يفرقون بمعنى الذي. وقيل معنى ذلك: السحر الذي يفرقون به، وقيل: هو معنى غير السحر. وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك فيما مضى قبل. وأما المرء فإنه بمعنى رجل من أسماء بني آدم، والأنثى منه المرأة يوحد ويثنى، ولا تجمع ثلاثته على صورته، يقال منه: هذا امرؤ صالح، وهذان امرءان صالحان، ولا يقال: هؤلاء امرءو صدق، ولكن يقال: هؤلاء رجال صدق، وقوم صدق.
وكذلك المرأة توحد وتثنى ولا تجمع على صورتها، يقال: هذه امرأة وهاتان امرأتان، ولا يقال: هؤلاء امرآت، ولكن هؤلاء نسوة.
وأما الزوج، فإن أهل الحجاز يقولون لامرأة الرجل: هي زوجه، بمنزلة الزوج الذكر ومن ذلك قول الله تعالى ذكره: أمسك عليك زوجك وتميم وكثير من قيس وأهل نجد يقولون: هي زوجته، كما قال الشاعر:
وإن الذي يمشي يحرش زوجتي * كماش إلى أسد الشرى يستبيلها فإن قال قائل: وكيف يفرق الساحر بين المرء وزوجه؟ قيل: قد دللنا فيما مضى على أن معنى السحر تخييل الشئ إلى المرء بخلاف ما هو به في عينه وحقيقته بما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه. فإن كان ذلك صحيحا بالذي استشهدنا عليه، فتفريقه بين المرء وزوجه تخييله بسحره إلى كل واحد منهما شخص الآخر على خلاف ما هو به في حقيقته من حسن