وغدا يدعو لهما. فدعا لهما فاستجيب له، فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة. فنظر أحدهما لصاحبه فقالا: نعلم أن أنواع عذاب الله في الآخرة كذا وكذا في الخلد ومع الدنيا سبع مرات مثلها. فأمرا أن ينزلا ببابل، فثم عذابهما. وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصفقان بأجنحتهما.
قال أبو جعفر: وحكي عن بعض القراء أنه كان يقرأ: وما أنزل على الملكين يعني به رجلين من بني آدم. وقد دللنا على خطأ القراءة بذلك من جهة الاستدلال فأما من جهة النقل فإجماع الحجة على خطأ القراءة بها من الصحابة والتابعين وقراء الأمصار، وكفى بذلك شاهدا على خطئها. وأما قوله ببابل فإنه اسم قرية أو موضع من مواضع الأرض.
وقد اختلف أهل التأويل فيها، فقال بعضهم: إنها بابل دنباوند.
* - حدثني بذلك موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي.
وقال بعضهم: بل ذلك بابل العراق. ذكر من قال ذلك:
1405 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قصة ذكرتها عن امرأة قدمت المدينة، فذكرت أنها صارت في العراق ببابل، فأتت بها هاروت وماروت فتعلمت منهما السحر.
واختلف في معنى السحر، فقال بعضهم: هو خدع ومخاريق ومعان يفعلها الساحر، حتى يخيل إلى المسحور الشئ أنه بخلاف ما هو به نظير الذي يرى السراب من بعيد، فيخيل إليه أنه ماء، ويرى الشئ من بعيد فيثبته بخلاف ما هو على حقيقته. وكراكب السفينة السائرة سيرا حثيثا يخيل إليه أن ما عاين من الأشجار والجبال سائر معه. قالوا:
فكذلك المسحور ذلك صفته، يحسب بعد الذي وصل إليه من سحر الساحر أن الذي يراه أو يفعله بخلاف الذي هو به على حقيقته. كالذي:
1406 - حدثني أحمد بن الوليد، وسفيان بن وكيع قالا: ثنا يحيى بن سعيد، عن