المنبوذ لأنه مطروح. مرمى به، ومنه سمي النبيذ نبيذا، لأنه زبيب أو تمر يطرح في وعاء ثم يعالج بالماء. وأصله مفعول صرف إلى فعيل، أعني أن النبيذ أصله منبوذ ثم صرف إلى فعيل، فقيل نبيذ كما قيل كف خضيب ولحية دهين، يعني مخضوبة ومدهونة يقال منه:
نبذته أنبذه نبذا، كما قال أبو الأسود الدؤلي:
نظرت إلى عنوانه فنبذته * كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا فمعنى قوله جل ذكره: نبذه فريق منهم طرحه فريق منهم فتركه ورفضه ونقضه.
كما:
1361 - حدثنا بشر ابن معاذ قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: نبذه فريق منهم يقول: نقضه فريق منهم.
1362 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: نبذه فريق منهم قال: لم يكن في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه، ويعاهدون اليوم وينقضون غدا. قال: وفي قراءة عبد الله: نقضه فريق منهم. والهاء التي في قوله: نبذه من ذكر العهد، فمعناه: أوكلما عاهدوا عهدا نبذ ذلك العهد فريق منهم.
والفريق الجماعة لا واحد له من لفظه بمنزلة الجيش والرهط الذي لا واحد له من لفظه.
والهاء والميم اللتان في قوله: فريق منهم من ذكر اليهود من بني إسرائيل.
وأما قوله: بل أكثرهم لا يؤمنون فإنه يعني جل ثناؤه: بل أكثر هؤلاء الذين كلما عاهدوا الله عهدا وواثقوه موثقا نقضه فريق منهم لا يؤمنون. ولذلك وجهان من التأويل:
أحدهما: أن يكون الكلام دلالة على الزيادة والتكثير في عدد المكذبين الناقضين عهد الله على عدد الفريق، فيكون الكلام حينئذ معناه: أوكلما عاهدت اليهود من بني إسرائيل ربها عهدا نقض فريق منهم ذلك العهد؟ لا ما ينقض ذلك فريق منهم، ولكن الذي ينقض ذلك فيكفر بالله أكثرهم لا القليل منهم. فهذا أحد وجهيه. والوجه الآخر: أن يكون معناه: أوكلما عاهدت اليهود ربها عهدا نبذ ذلك العهد فريق منهم؟ لا ما ينبذ ذلك العهد فريق منهم فينقضه على الايمان منهم بأن ذلك غير جائز لهم، ولكن أكثرهم لا يصدقون بالله ورسله، ولا وعده ووعيده. وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على معنى الايمان وأنه التصديق. القول في تأويل قوله تعالى: