أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم قال: وهما زائدتان في هذا الوجه، وهي مثل الفاء التي في قوله: فالله لتصنعن كذا وكذا، وكقولك للرجل: أفلا تقوم وإن شئت جعلت الفاء والواو ههنا حرف عطف. وقال بعض نحويي الكوفيين: هي حرف عطف أدخل عليها حرف الاستفهام. والصواب في ذلك عندي من القول أنها واو عطف أدخلت عليها ألف الاستفهام، كأنه قال جل ثناؤه: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ثم أدخل ألف الاستفهام على وكلما، فقال: قالوا سمعنا وعصينا (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم) وقد بينا فيما مضى أنه غير جائز أن يكون في كتاب الله حرف لا معنى له، فأغنى ذلك عن إعادة البيان على فساد قول من زعم أن الواو والفاء من قوله: أوكلما وأفكلما زائداتان لا معنى لهما.
وأما العهد: فإنه الميثاق الذي أعطته بنو إسرائيل ربهم ليعملن بها في التوراة مرة بعد أخرى، ثم نقض بعضهم ذلك مرة بعد أخرى. فوبخهم جل ذكره بما كان منهم من ذلك وعير به أبناءهم إذ سلكوا منهاجهم في بعض ما كان جل ذكره أخذ عليهم بالايمان به من أمر محمد (ص) من العهد والميثاق فكفروا وجحدوا ما في التوراة من نعته وصفته، فقال تعالى ذكره: أوكلما عاهد اليهود من بني إسرائيل ربهم عهدا وأوثقوه ميثاقا نبذه فريق منهم فتركه ونقضه؟ كما:
1360 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا ابن إسحاق، قال:
حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله (ص) وذكر لهم ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد الله إليهم فيه: والله ما عهد إلينا في محمد (ص) وما أخذ له علينا ميثاقا فأنزل الله جل ثناؤه: أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون.
* - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت عن عكرمة مولى ابن عباس، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله.
قال أبو جعفر: وأما النبذ فإن أصله في كلام العرب الطرح، ولذلك قيل للملقوط