على قلبي من عند ربي بإذن ربي له بذلك يربط به على قلبي ويشد فؤادي. كما:
1340 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة: عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله: (قل من كان عدوا لجبريل) قال: وذلك أن اليهود قالت حين سألت محمدا (ص) عن أشياء كثيرة، فأخبرهم بها على ما هي عندهم إلا جبريل، فإن جبريل كان عند اليهود صاحب عذاب وسطوة، ولم يكن عندهم صاحب وحي - يعني تنزيل من الله على رسله - ولا صاحب رحمة. فأخبرهم رسول الله (ص) فيما سألوه عنه أن جبريل صاحب وحي الله، وصاحب نقمته، وصاحب رحمته. فقالوا: ليس بصاحب وحي ولا رحمة هو لنا عدو. فأنزل الله عز وجل إكذابا لهم: (قل) يا محمد (من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك) يقول: فإن جبريل نزله. يقول: نزل القرآن بأمر الله يشد به فؤادك ويربط به على قلبك، ويعني بوحينا الذي نزل به جبريل عليك من عند الله، وكذلك يفعل بالمرسلين والأنبياء من قبلك.
1341 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد: قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) يقول: أنزل الكتاب على قلبك بإذن الله.
1342 - وحدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: (فإنه نزله على قلبك) يقول: نزل الكتاب على قلبك جبريل.
قال أبو جعفر: وإنما قال جل ثناؤه: (فإنه نزله على قلبك) وهو يعني بذلك قلب محمد (ص)، وقد أمر محمدا في أول الآية أن يخبر اليهود بذلك عن نفسه، ولم يقل: فإنه نزله على قلبي. ولو قيل على قلبي كان صوابا من القول، لان من شأن العرب إذا أمرت رجلا أن يحكي ما قيل له عن نفسه أن تخرج فعل المأمور مرة مضافا إلى كناية نفس المخبر عن نفسه، إذ كان المخبر عن نفسه ومرة مضافا إلى اسمه كهيئة كناية اسم المخاطب لأنه به مخاطب، فتقول في نظير ذلك قل للقوم إن الخير عندي كثر فتخرج كناية اسم المخبر عن نفسه لأنه مأمور أن يخبر بذلك عن نفسه، وقل للقوم: إن الخير عندك كثير فتخرج كناية اسمه كهيئة كناية اسم المخاطب، لأنه وإن كان مأمورا بقيل ذلك فهو مخاطب مأمور بحكاية ما قيل له.
وكذلك لا تقل للقوم إني قائم، ولا تقل لهم: إنك قائم، والياء من إني اسم المأمور بقول ذلك على ما وصفنا، ومن ذلك قول الله عز وجل: قل للذين كفروا سيغلبون و " تغلبون " بالياء والتاء.