من رحمته وطردهم عنها وأخزاهم بجحودهم له ولرسله فقليلا ما يؤمنون.
القول في تأويل قوله تعالى: فقليلا ما يؤمنون.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فقليلا ما يؤمنون. فقال بعضهم: معناه:
فقليل منهم من يؤمن، أي لا يؤمن منهم إلا قليل. ذكر من قال ذلك:
1249 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد ابن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون فلعمري لمن رجع من أهل الشرك أكثر ممن رجع من أهل الكتاب، إنما آمن من أهل الكتاب رهط يسير.
1250 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: فقليلا ما يؤمنون قال: لا يؤمن منهم إلا قليل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم. ذكر من قال ذلك:
1251 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة: فقليلا ما يؤمنون قال: لا يؤمن منهم إلا قليل. قال معمر: وقال غيره: لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم.
وأولى التأويلات في قوله: فقليلا ما يؤمنون بالصواب ما نحن متقنوه إن شاء الله وهو أن الله جل ثناؤه أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الايمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد (ص)، ولذلك نصب قوله: فقليلا لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره، ومعناه: بل لعنهم الله بكفرهم فإيمانا قليلا ما يؤمنون.
فقد تبين إذا بما بينا فساد القول الذي روي عن قتادة في ذلك لان معنى ذلك لو كان على ما روي من أنه يعني به: فلا يؤمن منهم إلا قليل، أو فقليل منهم من يؤمن، لكان القليل مرفوعا لا منصوبا لأنه إذا كان ذلك تأويله كان القليل حينئذ مرافعا ما وإن نصب القليل، وما في معنى من أو الذي بقيت ما لا مرافع لها، وذلك غير جائز في لغة أحد من العرب.
فأما أهل العربية فإنهم اختلفوا في معنى ما التي في قوله: فقليلا ما يؤمنون فقال بعضهم: هي زائدة لا معنى لها، وإنما تأويل الكلام: فقليلا يؤمنون، كما قال جل ذكره: