وكذا، فاشترى فلان نفسه كذا، يراد بإدخال النفس والعين في ذلك نفي اللبس عن سامعه أن يكون المتولي بيع ذلك وشراءه غير الموصوف به بأمره، ويوجب حقيقة الفعل للمخبر عنه فكذلك قوله: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم.
القول في تأويل قوله تعالى: فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.
يعني جل ثناؤه بقوله: فويل لهم مما كتبت أيديهم أي فالعذاب في الوادي السائل من صديد أهل النار في أسفل جهنم لهم، يعني للذين يكتبون الكتاب الذي وصفنا أمره من يهود بني إسرائيل محرفا، ثم قالوا: هذا من عند الله ابتغاء عرض من الدنيا به قليل ممن يبتاعه منهم. وقوله: مما كتبت أيديهم يقول: من الذي كتبت أيديهم من ذلك وويل لهم أيضا مما يكسبون يعني مما يعملون من الخطايا، ويجترحون من الآثام، ويكسبون من الحرام بكتابهم الذي يكتبونه بأيديهم، بخلاف ما أنزل الله، ثم يأكلون ثمنه وقد باعوه ممن باعوه منهم على أنه من كتاب الله. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: وويل لهم مما يكسبون يعني من الخطيئة.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: فويل لهم يقول: فالعذاب عليهم قال: يقول من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب وويل لهم مما يكسبون يقول: مما يأكلون به من السفلة وغيرهم.
قال أبو جعفر: وأصل الكسب: العمل، فكل عامل عملا بمباشرة منه لما عمل ومعاناة باحتراف، فهو كاسب لما عمل، كما قال لبيد بن ربيعة:
لمعفر قهد تنازع شلوه * غبس كواسب لا يمن طعامها