آمنوا ثم نافقوا، فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به، فقال بعضهم لبعض:
أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم، وأكرم على الله منكم؟
وقال آخرون بما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم قال:
كانوا إذا سئلوا عن الشئ قالوا: أما تعلمون في التوراة كذا وكذا؟ قالوا: بلى. قال: وهم يهود، فيقول لهم رؤساؤهم الذين يرجعون إليهم: ما لكم تخبرونهم بالذي أنزل الله عليكم فيحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون؟ قال: قال رسول الله (ص): لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن فقال رؤساؤهم من أهل الكفر والنفاق: اذهبوا فقولوا آمنا، واكفروا إذا رجعتم. قال: فكانوا يأتون المدينة بالبكر ويرجعون إليهم بعد العصر. وقرأ قول الله:
وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون. وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة: نحن مسلمون، ليعلموا خبر رسول الله (ص) وأمره وإذا رجعوا، رجعوا إلى الكفر. فلما أخبر الله نبيه (ص) بهم، قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون. وكان المؤمنون الذين مع رسول الله (ص) يظنون أنهم مؤمنون، فيقولون لهم: أليس قد قال الله لكم كذا وكذا؟ فيقولون: بلى. فإذا رجعوا إلى قومهم قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم الآية.
وأصل الفتح في كلام العرب: النصر والقضاء والحكم، يقال منه: اللهم افتح بيني وبين فلان: أي احكم بيني وبينه، ومنه قول الشاعر:
ألا أبلغ بني عصم رسولا * بأني عن فتاحتكم غني قال: ويقال للقاضي: الفتاح، ومنه قول الله عز وجل: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين أي احكم بيننا وبينهم.