لان الادغام لا يكون إلا وقبله شئ، ومنه قول الله جل ثناؤه: حتى إذا اداركوا فيها جميعا إنما هو تداركوا، ولكن التاء منها أدغمت في الدال فصارت دالا مشددة، وجعلت فيها ألف إذا وصلت بكلام قبلها ليسلم الادغام. وإذا لم يكن قبل ذلك ما يواصله، وابتدئ به، قيل: تداركوا وتثاقلوا، فأظهروا الادغام. وقد قيل: يقال: اداركوا وادارأوا. وقد قيل إن معنى قوله: فادارأتم فيها فتدافعتم فيها، من قول القائل: درأت هذا الامر عني، ومن قول الله: ويدرأ عنها العذاب بمعنى يدفع عنها العذاب. وهذا قول قريب المعنى من القول الأول لان القوم إنما تدافعوا قتل قتيل، فانتفى كل فريق منهم أن يكون قاتله، كما قد بينا قبل فيما مضى من كتابنا هذا. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله:
فادارأتم فيها قال أهل التأويل.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: حدثني عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: فادارأتم فيها قال: اختلفتم فيها.
حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج:
وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها قال بعضهم: أنتم قتلتموه، وقال الآخرون: أنتم قتلتموه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
فادارأتم فيها قال: اختلفتم، وهو التنازع تنازعوا فيه. قال: قال هؤلاء: أنتم قتلتموه، وقال هؤلاء: لا.
وكان تدارؤهم في النفس التي قتلوها. كما:
حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: صاحب البقرة رجل من بني إسرائيل قتله رجل فألقاه على باب ناس آخرين، فجاء أولياء المقتول فادعوا دمه عندهم فانتفوا أو انتفلوا منه شك أبو عاصم.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن