وقد كان بعض من سلف يزعم أن القوم ارتدوا عن دينهم، وكفروا بقولهم لموسى:
الآن جئت بالحق ويزعم أنهم نفوا أن يكون موسى أتاهم بالحق في أمر البقرة قبل ذلك، وأن ذلك من فعلهم وقيلهم كفر. وليس الذي قال من ذلك عندنا كما قال لأنهم أذعنوا بالطاعة بذبحها، وإن كان قيلهم الذي قالوه لموسى جهلة منهم وهفوة من هفواتهم.
القول في تأويل قوله تعالى: فذبحوها وما كادوا يفعلون.
يعني بقوله: فذبحوها فذبح قوم موسى البقرة التي وصفها الله لهم وأمرهم بذبحها. ويعني بقوله: وما كادوا يفعلون أي قاربوا أن يدعوا ذبحها، ويتركوا فرض الله عليهم في ذلك.
ثم اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله كادوا أن يضيعوا فرض الله عليهم في ذبح ما أمرهم بذبحه من ذلك. فقال بعضهم: ذلك السبب كان غلاء ثمن البقرة التي أمروا بذبحها وبينت لهم صفتها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا أبو معشر المدني، عن محمد بن كعب القرظي في قوله: فذبحوها وما كادوا يفعلون قال: لغلاء ثمنها.
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الهلالي، قال: ثنا عبد العزيز بن الخطاب، قال: ثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي: فذبحوها وما كادوا يفعلون قال: من كثرة قيمتها.
حدثنا القاسم، قال: أخبرنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد وحجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي، ومحمد بن قيس في حديث فيه طول، ذكر أن حديث بعضهم دخل في حديث بعض، قوله: فذبحوها وما كادوا يفعلون لكثرة الثمن، أخذوها بملء ء مسكها ذهبا من مال المقتول، فكان سواء لم يكن فيه فضل فذبحوها.
حدثت عن المنجاب، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: فذبحوها وما كادوا يفعلون يقول: كادوا لا يفعلون. ولم