والنفس التي قتلوها هي النفس التي ذكرنا قصتها في تأويل قوله: وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة. وقوله: فادارأتم فيها يعني فاختلفتم وتنازعتم، وإنما هو فتدارأتم فيها على مثال تفاعلتم من الدرء، والدرء: العوج، ومنه قول أبي النجم العجلي:
خشية طغام إذا هم جسر * يأكل ذا الدرء ويقصي من حقر يعني ذا العوج والعسر. ومنه قول رؤبة بن العجاج:
أدركتها قدام كل مدره * بالدفع عني درء كل عنجه ومنه الخبر الذي:
حدثنا به أبو كريب، قال: ثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، عن السائب، قال: جاءني عثمان وزهير ابنا أمية، فاستأذنا لي على رسول الله (ص)، فقال رسول الله (ص): أنا أعلم به منكما، ألم تكن شريكي في الجاهلية؟ قلت: نعم بأبي أنت وأمي، فنعم الشريك كنت لا تماري ولا تداري يعني بقوله: لا تداري: لا تخالف رفيقك وشريكك ولا تنازعه ولا تشاره. وإنما أصل فادارأتم فتدارأتم، ولكن التاء قريبة من مخرج الدال، وذلك أن مخرج التاء من طرف اللسان وأصول الشفتين، ومخرج الدال من طرف اللسان وأطراف الثنيتين، فأدغمت التاء في الدال فجعلت دالا مشددة، كما قال الشاعر:
تولي الضجيع إذا ما استافها خصرا * عذب المذاق إذا ما اتابع القبل يريد إذا ما تتابع القبل، فأدغم إحدى التاءين في الأخرى. فلما أدغمت التاء في الدال فجعلت دالا مثلها سكنت، فجلبوا ألفا ليصلوا إلى الكلام بها، وذلك إذا كان قبله شئ