وقيل به فألقي في جانب الجوالق، فإذا نزل رمي به. فقرعه بالعصا، فتفجرت عين من كل ناحية مثل البحر.
حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني أسباط، عن السدي، قال: كان ذلك في التيه.
وأما قوله: قد علم كل أناس مشربهم فإنما أخبر الله عنهم بذلك، لان معناهم في الذي أخرج الله عز وجل لهم من الحجر الذي وصف جل ذكره في هذه الآية صفته من الشرب كان مخالفا معاني سائر الخلق فيما أخرج الله لهم من المياه من الجبال والأرضين التي لا مالك لها سوى الله عز وجل وذلك أن الله كان جعل لكل سبط من الأسباط الاثني عشر عينا من الحجر الذي وصف صفته في هذه الآية يشرب منها دون سائر الأسباط غيره لا يدخل سبط منهم في شرب سبط غيره وكان مع ذلك لكل عين من تلك العيون الاثنتي عشرة موضع من الحجر قد عرفه السبط الذي منه شربه فلذلك خص جل ثناؤه هؤلاء بالخبر عنهم أن كل أناس منهم كانوا علمين بمشربهم دون غيرهم من الناس إذ كان غيرهم في الماء الذي لا يملكه أحد شركاء في منابعه ومسائله وكان كل سبط من هؤلاء مفردا بشرب منبع من منابع الحجر دون سائر منابعه خاص لهم دون ساء الأسباط غيرهم فلذلك خصوا بالخبر عنهم أن كل أناس منهم قد علموا مشربهم.
القول في تأويل قوله تعالى (كلوا واشربوا من رزق الله) وهذا أيضا مما استغنى بذكر ما هو ظاهر منه. عن ذكره ما ترك ذكره. وذلك أن تأويل الكلام: فقلنا اضرب بعصاك الحجر فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قد علم كل أناس مشربهم، فقيل لهم: كلوا واشربوا من رزق الله أخبر الله جل ثناؤه أنه أمرهم بأكل ما رزقهم في التيه من المن والسلوى، وبشرب ما فجر لهم فيه من الماء من الحجر المتعاور الذي لا قرار له في الأرض ولا سبيل إليه لمالكيه يتدفق بعيون الماء ويزخر بينابيع العذب الفرات بقدرة ذي الجلال والاكرام ثم تقدم جل ذكره إليهم مع إباحتهم ما أباح وإنعامه عليهم بما أنعم به عليهم من العيش الهنئ بالنهي عن السعي في الأرض فسادا والعثا