اثني عشر طريقا، فسلك كل سبط منهم طريقا منها. فذلك فرق الله بهم جل ثناؤه البحر، وفصله بهم بتفريقهم في طرقه الاثني عشر. كما:
حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي: لما أتى موسى البحر كناه أبا خالد، وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، فدخلت بنو إسرائيل، وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط.
وقد قال بعض نحويي البصرة: معنى قوله: وإذ فرقنا بكم البحر فرقنا بينكم وبين الماء: يريد بذلك: فصلنا بينكم وبينه وحجزناه حيث مررتم به. وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة لان الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم، ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر، فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة، وفرقه البحر بالقوم، إنما هو تفريقه البحر بهم على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم على ما جاءت به الآثار.
القول في تأويل قوله تعالى: فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون.
قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف غرق الله جل ثناؤه آل فرعون، ونجى بني إسرائيل؟ قيل له: كما:
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: لقد ذكر لي أنه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا من دهم الخيل سوى ما في جنده من شهب الخيل وخرج موسى، حتى إذا قابله البحر ولم يكن له عنه منصرف، طلع فرعون في جنده من خلفهم، فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال موسى: كلا إن معي ربي سيهدين أي للنجاة، وقد وعدني ذلك ولا خلف لوعده.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، قال:
أوحى الله إلى البحر فيما ذكر إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له، قال: فبات البحر يضرب