إسرائيل. وكان في البحر اثنا عشر طريقا، في كل طريق سبط، وكانت الطرق انفلقت بجدران، فقال كل سبط: قد قتل أصحابنا: فلما رأى ذلك موسى، دعا الله، فجعلها لهم قناطر كهيئة الطيقان. فنظر آخرهم إلى أولهم، حتى خرجوا جميعا. ثم دنا فرعون وأصحابه، فلما نظر فرعون إلى البحر منفلقا، قال: ألا ترون البحر فرق مني قد انفتح لي حتى أدرك أعدائي فأقتلهم؟ فذلك حين يقول الله جل ثناؤه: وأزلفنا ثم الآخرين يقول: قربنا ثم الآخرين يعني آل فرعون. فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله أن تقتحم، فنزل جبريل على ماذبانه، فشام الحصان ريح الماذبانه، فاقتحم في أثرها، حتى إذا هم أولهم أن يخرج ودخل آخرهم، أمر البحر أن يأخذهم، فالتطم عليهم.
وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد:
لما أخذ عليهم فرعون الأرض إلى البحر قال لهم فرعون: قولوا لهم يدخلون البحر إن كانوا صادقين. فلما رآهم أصحاب موسى، قالوا: إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فقال موسى للبحر: ألست تعلم أني رسول الله؟ قال: بلى. قال: وتعلم أن هؤلاء عباد من عباد الله أمرني أن آتي بهم؟ قال: بلى. قال: أتعلم أن هذا عدو الله؟ قال:
بلى. قال: فانفرق لي طريقا ولمن معي. قال: يا موسى، إنما أنا عبد مملوك ليس لي أمر إلا أن يأمرني الله تعالى. فأوحى الله عز وجل إلى البحر: إذا ضربك موسى بعصاه فانفرق، وأوحى إلى موسى أن يضرب البحر، وقرأ قول الله تعالى: فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى وقرأ قوله: واترك البحر رهوا سهلا ليس فيه تعد. فانفرق اثنتي عشرة فرقة، فسلك كل سبط في طريق. قال: فقالوا لفرعون: إنهم قد دخلوا البحر. قال: ادخلوا عليهم، قال: وجبريل في آخر بني إسرائيل يقول لهم: ليلحق آخركم أولكم. وفي أول آل فرعون، يقول لهم: رويدا يلحق آخركم أولكم. فجعل كل سبط في البحر يقولون للسبط الذين دخلوا قبلهم: قد هلكوا. فلما دخل ذلك قلوبهم، أوحى الله عز وجل إلى البحر، فجعل لهم قناطر ينظر هؤلاء إلى هؤلاء، حتى إذا خرج آخر هؤلاء ودخل آخر هؤلاء أمر الله البحر فأطبق على هؤلاء.