القول في تأويل قوله تعالى: أنهم ملاقوا ربهم.
قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف قيل إنهم ملاقوا ربهم فأضيف الملاقون إلى الرب جل ثناؤه وقد علمت أن معناه: الذين يظنون أنهم يلقون ربهم؟ وإذا كان المعنى كذلك، فمن كلام العرب ترك الإضافة وإثبات النون، وإنما تسقط النون وتضيف في الأسماء المبنية من الأفعال إذا كانت بمعنى فعل، فأما إذا كانت بمعنى يفعل وفاعل، فشأنها إثبات النون، وترك الإضافة قيل: لا تدافع بين جميع أهل المعرفة بلغات العرب وألسنها في إجازة إضافة الاسم المبني من فعل ويفعل، وإسقاط النون وهو بمعنى يفعل وفاعل، أعني بمعنى الاستقبال وحال الفعل ولما ينقض، فلا وجه لمسألة السائل عن ذلك: لم قيل؟
وإنما اختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله أضيف وأسقطت النون.
فقال نحويو البصرة: أسقطت النون من: ملاقوا ربهم وما أشبهه من الأفعال التي في لفظ الأسماء وهي في معنى يفعل وفي معنى ما لم ينقض استثقالا لها، وهي مرادة كما قال جل ثناؤه: كل نفس ذائقة الموت وكما قال: إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم ولما يرسلها بعد وكما قال الشاعر:
هل أنت باعث دينار لحاجتنا * أو عبد رب أخا عون بن مخراق فأضاف باعثا إلى الدينار، ولما يبعث، ونصب عبد رب عطفا على موضع دينار لأنه في موضع نصب وإن خفض. وكما قال الآخر:
الحافظو عورة العشيرة لا * يأتيهم من ورائهم نطف