بمعنى عني.
وأما بعض نحويي أهل الكوفة فإنه كان يتأول أن ذلك بمعنى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا صرفوا خلاءهم إلى شياطينهم فيزعم أن الجالب إلى المعنى الذي دل عليه الكلام: من انصراف المنافقين عن لقاء المؤمنين إلى شياطينهم خالين بهم، لا قوله خلوا. وعلى هذا التأويل لا يصلح في موضع إلى غيرها لتغير الكلام بدخول غيرها من الحروف مكانها.
وهذا القول عندي أولى بالصواب، لان لكل حرف من حروف المعاني وجها هو به أولى من غيره، فلا يصلح تحويل ذلك عنه إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها.
ول إلى في كل موضع دخلت من الكلام حكم وغير جائز سلبها معانيها في أماكنها. القول في تأويل قوله تعالى: إنما نحن مستهزءون.
أجمع أهل التأويل جميعا لا خلاف بينهم، على أن معنى قوله: إنما نحن مستهزءون: إنما نحن ساخرون. فمعنى الكلام إذا: وإذا انصرف المنافقون خالين إلى مردتهم من المنافقين والمشركين قالوا: إنا معكم على ما أنتم عليه من التكذيب بمحمد (ص)، وبما جاء به ومعاداته ومعاداة أتباعه، إنما نحن ساخرون بأصحاب محمد (ص) في قيلنا لهم إذا لقيناهم آمنا بالله وباليوم الآخر. كما:
303 - حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمار، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: قالوا: إنما نحن مستهزءون ساخرون بأصحاب محمد (ص).
304 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إنما نحن مستهزءون: أي إنما نحن نستهزئ بالقوم ونلعب بهم.
305 - حدثنا بشر بن معاذ العقدي، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة: إنما نحن مستهزءون: إنما نستهزئ بهؤلاء القوم ونسخر بهم.
306 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، عن عبد الله بن أبي جعفر،