الأعمال فيخص أحدهما بالجزاء دون الآخر ويحرم الآخر جزاء عمله، فكذلك سبيل الثناء بالاعمال لان الثناء أحد أقسام الجزاء. وأما معنى قوله: أولئك على هدى من ربهم فإن معنى ذلك أنهم على نور من ربهم وبرهان واستقامة وسداد بتسديد الله إياهم وتوفيقه لهم كما:
243 - حدثني ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أولئك على هدى من ربهم أي على نور من ربهم، واستقامة على ما جاءهم.
القول في تأويل قوله تعالى: وأولئك هم المفلحون. وتأويل قوله: وأولئك هم المفلحون أي أولئك هم المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله تعالى ذكره بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله، من الفوز بالثواب، والخلود في الجنان، والنجاة مما أعد الله تبارك وتعالى لأعدائه من العقاب. كما:
244 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة. قال: حدثنا ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: وأولئك هم المفلحون أي الذين أدركوا ما طلبوا، ونجوا من شر ما منه هربوا.
ومن الدلالة على أن أحد معاني الفلاح إدراك الطلبة والظفر بالحاجة، قول لبيد بن ربيعة:
اعقلي إن كنت لما تعقلي * ولقد أفلح من كان عقل يعني ظفر بحاجته وأصاب خيرا. ومنه قول الراجز:
عدمت أما ولدت رباحا * جاءت به مفركحا فركاحا تحسب أن قد ولدت نجاحا * أشهد لا يزيدها فلاحا يعني خيرا وقربا من حاجتها. والفلاح: مصدر من قولك: أفلح فلان يفلح افلاحا، وفلاحا، وفلحا. والفلاح أيضا البقاء، ومنه قول لبيد:
نحل بلادا كلها حل قبلنا * ونرجو الفلاح بعد عاد وحمير