صفاته، ولكل حرف من ذلك معنى غير معنى الحرف الاخر. فإنهم نحوا بتأويلهم ذلك نحو قول الشاعر:
قلنا لها قفي لنا قالت قاف * لا تحسبني أنا نسينا الايجاف (1) يعني بقوله: قالت قاف: قالت قد وقفت. فدلت بإظهار القاف من " وقفت " على مرادها من تمام الكلمة التي هي " وقفت "، فصرفوا قوله (ألم) وما أشبه ذلك إلى نحو هذا المعنى، فقال بعضهم: الألف ألف " أنا " واللام لام " الله "، والميم ميم " أعلم "، وكل حرف منها دال على كلمة تامة. قالوا: فجملة هذه الحروف المقطعة إذا ظهر مع كل حرف منهن تمام حروف الكلمة " أنا الله أعلم ". قالوا: وكذلك سائر جميع ما في أوائل سور القرآن من ذلك، فعلى هذا المعنى وبهذا التأويل. قالوا: ومستفيض ظاهر في كلام العرب أن ينقص المتكلم منهم من الكلمة الأحرف إذا كان فيما بقي دلالة على ما حذف منها، ويزيد فيها ما ليس منها إذا لم تكن الزيادة ملبسة معناها على سامعها كحذفهم في النقص في الترخيم من " حارث " الثاء " فيقولون: يا حار، ومن " مالك " " الكاف " فيقولون: يا مال، وأما أشبه ذلك. وكقول راجزهم:
ما للظليم عال كيف لا يا * ينقد عنه جلده إذا يا (2) كأنه أراد أن يقول: إذا يفعل كذا وكذا، فاكتفى بالياء من " يفعل ". وكما قال آخر منهم:
بالخير خيرات وإن شرا فا يرد فشرا.
ولا أريد الشر إلا أن تا (3) يريد إلا أن تشاء. فاكتفى بالتاء والفاء في الكلمتين جميعا من سائر حروفهما، وما أشبه ذلك من الشواهد التي يطول الكتاب باستيعابه. وكما:
199 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب وابن عون عن